١٤ - الاختصار:
بنى ابن الخباز منهجه في كتابه «توجيه اللمع» على الاختصار، وقد نبه على ذلك في مقدمة كتابه فقال: «فإن جماعة من حفظة «كتاب اللمع» أطمعهم فيه صغر حجمه وآيسهم منه عدم فهمه، فضمنت لهم إملاء مختصرًا، أقتصر به على توجيه مسائله وتبليغ وسائله» وأشار إلى ذلك أيضًا في ثنايا كتابه في عدة مواضع منها ما يأتي:
قال ابن الخباز في (باب المفعول الذي لم يسم فاعله) ويتعلق بالفعل الذي لم يسم فاعله مباحث من علم التصريف، لولا أني بنيت كتابي على الاختصار لذكرتها.
وقال في (بعد أن ذكر مذاهب العلماء في ناصب المستثنى): وتحتمل هذه المذاهب أكثر من هذا القول، ولكن لا يليق بهذا المختصر وقال في (باب مذ ومنذ): ولولا اغترار كثير من العامة بزخارف الحمقى لاقتضى اختصار هذا الكتاب الإضراب عن الإطالة.
وقال في (عند حديثه عن الضمائر): وتحت هذه الأحكام كلها مباحث يطول ذكرها، والإملاء مبني على الاختصار وغير ذلك كثير من أمارات التزامه بالاختصار في منهجه.
تلك هي أهم خصائص المنهج الذي اتبعه ابن الخباز في معالجة كتابه «توجيه اللمع» وقفت عليها بكثرة النظر فيه.
تعقب ابن الخباز لابن جني:
لم تكن شخصية ابن الخباز شخصية تقليدية، تكتفي بترديد ما أقره المتقدمون، بل كان ﵀ يتمتع بشخصية ناقدة، لها آراؤها الخاصة ووجهة نظرها المستقلة، فكان لا يلتزم التسليم بما سبق به، بل كان يدرس وينقد ويعترض إذا وجد لذلك سبيلًا، ويبطل رأى غيره إذا وجد أسباب الفساد محطية به، وبالتأمل في كتابه «توجيه اللمع» نجد أنه لم يكن على اتفاق تام مع ابن جني، بل كان يختلف معه ويستدرك عليه، فكثيرًا ما كان يرى أن الصواب في غير ما قال. وإليك بعض النصوص التي توضح ذلك:
لم يختلف ابن الخباز مع ابن جني في الناحية المنهجية إلا في باب: (المعرب
1 / 53