91

तावीलात

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

शैलियों

فلما لم يمت بالإرادة { والله محيط بالكفرين } [البقرة: 19]، أي: مهلكهم ومميتهم في الدنيا بموت الصورة وموت القلب، وفي الآخرة بموت العذاب فلا يموت فيها ولا يحيى، { يكاد البرق } [البقرة: 20]، أي: نور الذكر والقرآن { يخطف أبصرهم } [البقرة: 20]، أي : أبصار نفوسهم الأمارة بالسوء { كلما أضآء لهم مشوا فيه } [البقرة: 20]، سلكوا طريق الحق بقدم الصدق { وإذآ أظلم عليهم } [البقرة: 20]، ظلمات صفات النفس وغلب عليهم الهوى مالوا إلى الدنيا { قاموا } [البقرة: 20] أي: وقفوا عن السير وتحيروا وترددوا وتطرقت إليهم الآفات واعترتهم الغرات واستولى عليهم الشيطان وسولت لهم أنفسهم الشهوات حتى وقعوا في ورطة الهلاك.

{ ولو شآء الله } [البقرة: 20]، أي ولو كانت مشيئته وإرادته أن يهديهم { لذهب بسمعهم وأبصرهم } [البقرة: 20]، أي: بسمع نفوسهم الذي تنظر إلى زينة الحياة الدنيا وزخارفها كقوله تعالى:

ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها

[السجدة: 13]، { إن الله على كل شيء قدير } [البقرة: 20]، أي: قادر على سلب أسماعهم وأبصارهم حتى لا يسمعوا الوساوس الشيطانية والهواجس النفسانية ولا يبصروا المزخرفات الدنياوية، والمستلذات الحيوانية لكيلا يغتروا بها ويبيعوا الدين بالدنيا، ولكن الله يفعل بحكمته ما يشاء ويحكم بعزته ما يريد، فلما أتم الكلام مع المؤمنين والكافرين والمنافقين خاطب الناس عموما أجمعين بقوله تعالى: { يأيها الناس } [البقرة: 21]، إلى { وأنتم تعلمون } [البقرة: 22] والإشارة في تحقيق الآيتين أن الله تعالى خاطب الناسي عهوده يوم الميثاق والإقرار بربوبيته ومعاهدته ألا يعبدوا إلا إياه، فخالفوه ونقضوا عهده وعبدوا الطواغيت من الأصنام والدنيا والنفس والهوى والشيطان فزلت قدمهم عن جادة التوحيد ووقعوا في ورطة الشرك والهلاك فبعث إليهم الرسول وكتب إليهم الكتاب وأخبرهم عن النسيان والشرك ودعاهم إلى التوحيد والعبودية.

{ اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم } [البقرة: 21]، يعني: ذراتكم وذرات من قبلكم يوم الميثاق وأخذ مواثيقكم بالربوبية والتوحيد والعبادة فأوفوا بعهد العبودية بتوحيد اللسان وتجريد القلب وتفريد السر وتزكية النفس بترك المحظورات وإقامة الطاعات المأمورات، { لعلكم تتقون } [البقرة: 21]، عن ترك عبادة غير الله فيوفي الله بعد الربوبية بالنجاة من الدركات ورفع الدرجات بالجنات والإكرام بالقربات والكرامات في الآخرة، كما أكرمكم في الدنيا.

{ الذي جعل لكم الأرض فرشا والسماء بنآء } [البقرة: 22]، فيه إشارة إلى تعريفه نفسه بالقدرة الكاملة ومنته على عباده وعزة عباده عنده وفضيلتهم على جميع المخلوقات من عباده بأن جعل لهم بنفسه فراشا كالأرض ودنيا كالسماء، وأما عزة عباده عنده بأن خلق السماوات والأرض وما فيها لأجلهم وسخرها لهم لقوله تعالى:

وسخر لكم ما في السموت وما في الأرض جميعا منه

[الجاثية: 13]، فكان وجود السماوات تبعا لوجودهم وما كان وجودهم تبعا لوجود شيء إلا وجوده، ولهذا السر أمر الله تعالى ملائكته بالسجود لآدم عليه السلام وحرم على آدم وأولاده السجود لغير الله، ليظهر أن الملائكة وإن كانوا قبل وجود آدم أفضل الموجودات فلما خلق آدم عليه السلام جعله مسجودا للملائكة ليكون هو أفضل المخلوقات وأكرمهم على الله تعالى ومتبوع كل شيء والكل تابع له.

قال تعالى: { وأنزل من السمآء مآء فأخرج به من الثمرت رزقا لكم } [البقرة: 22]، تحقيقه أن الماء هو القرآن، وثمراته: الهدى والتقى والنور والرحمة والشفاء والبركة واليمن والسعادة والقربة والحق واليقين والنجاة، والرفعة والصلاح الفلاح والحكمة والموعظة والحلم والعلم والآداب والأخلاق والعزة، والغنى والتمسك بالعروة الوثقى والاعتصام بحبل الله المتين، وإجماع كل خير وختام سعادة زهوق باطل الوجود الإنساني عند مجيء تجلي حقيقة الصفات الربانية لقوله تعالى:

قل جآء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا

अज्ञात पृष्ठ