344

तावीलात

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

शैलियों

[فصلت: 11].

وحقيقة المحبة: أن تفني المحب بسطوتها وتبقي المحبة منه بلا هو، كما أن النار تنقي الحطب بسطوتها وتبقى النار بلا هو، فإن المحبة نار

لا تبقي ولا تذر

[المدثر: 28]، وأما درجات محبة الله للعبد؛ فاعلم: أن كل صفة من صفات الله تعالى من العلم والقدرة والإرادة وغيرها، وإن اتفقت في أسماء صفات خلقه فلا يشبه حقيقتها أوصاف الخلق البتة، حتى الوجود الذي يعم الخلق والمخلوق جميعا وذلك؛ لأن الوجود الخلق عن عدم ووجود الخالق واجب لنفسه، ووجود كل ما سواه [مستمد] منه، ومن وفق النظر على أن ليس في الكون إلا الله وأفعاله حسنة وكأنه ليس في الوجود شيء ثابت إلا هو وحده، قرأ القارئ بين يدي الشيخ أبي سعيد بن أبي الخير - رحمه الله - قوله تعالى:

يحبهم ويحبونه

[المائدة: 54]، فقال: بحق يحبهم؛ لأنه لا يحب إلا نفسه؛ على معنى أن ليس في الكون إلا هو وما سواه فهو من صنعه، والصانع إذا مدح صنعه فقد مدح نفسه فإذا لا تتجاوز المحبة نفسه قائمة بنفسها، وما سواه قائم به فهو لا يحب إلا نفسه، فإذا عرفت هذا فاعلم أن محبة الله تعالى للخلق عائدة إليه حقيقة، إلا أنه كان قمرها على الخلق فيجب تعلقها بالعام والخاص، وأخضر أنبت لكل صنف منهم سعادة يخطى بها عند مرورها عليه، إلا أن تنتهي إلى محلها الذي صدرت منه، فيكون المحبة والمحب والمحبوب، واحدا فصدرت المحبة عن محل " كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعرف فمررت على فخلقت الخلق؛ لأعرف " ، فما تعلقت إلا بأهل المعرفة؛ وهم المخصوصون بالأنعام، كما قال تعالى:

فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهدآء...

[النساء: 69]، فتعلقت بالعام من أهل المعرفة بالرحمة ومشربهم الأعمال، فقيل لهم: { فاتبعوني } [آل عمران: 31]، بالأعمال الصالحة { يحببكم الله } [آل عمران: 31]، يخصصكم الله بالرحمة { ويغفر لكم ذنوبكم } [آل عمران: 31]، التي صدرت منكم على خلاف المتابعة { والله غفور } [آل عمران: 31]، لمن أطاعه { رحيم } [آل عمران: 31]، لمن يعصيه، وتعلقت بالخاص من أهل المعرفة بالفضل ومشربهم الأخلاق، فقيل: { فاتبعوني } [آل عمران: 31]، بمكارم الأخلاق يحببكم بالفضل، يخفيكم بتجلي صفات الجمال والكمال، { ويغفر لكم ذنوبكم } [آل عمران: 31]، يستر ظلمة صفاتكم بأنوار صفاته، { والله غفور رحيم } [آل عمران: 31]، ستور بصفاته صفات أهل رحمة، وتعلقت بالأخص من أهل المعرفة بالجذبات الإلهية ومشربهم الأحوال، فقيل لهم: { فاتبعوني } [آل عمران: 31]، ببذل الوجود ويحييكم الله بجذبات المحبة الأزلية، يخصكم بتجلي صفات الجلال، ويجذبكم عنكم به الله، { ويغفر لكم ذنوبكم } [آل عمران: 31]، ويستر بجوده ذنوب وجودكم، فينجوكم عنكم ويثبتكم به، كما قال:

" فإذا أحببته، كنت له سمعا وبصرا ولسانا ويدا، بي يسمع وبي يبصر، وبي يتعلق وبي يبطش "

، ويكون العبد في هذا المقام مرآة كمال لطفه وقهره، فكما أن الرائي في المرآة يشاهد صفاته بصفاته وذاته بذاته، فيكون الرائي والرؤية والمرئي واحد، فكذلك يكون في هذا المقام المحب والمحبة والمحبوب واحد، والعارف والمعرفة والمعروف واحد، فهو المحب العارف والمحبوب المعروفة؛ أي: الذي أحب أن يعرف فأحب نفسه بمحبته، وعرف نفسه بمعرفته، { والله غفور رحيم } [آل عمران: 31]، ستور صدا مرآة المحبين والعارفين برحمته، فمن نظر به جمال صفاته و[من شهد] به جلال ذاته،

अज्ञात पृष्ठ