तावीलात
التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي
शैलियों
فشتان بين نبي يجيء ويكون وهو بذاته نور ومعه كتاب، وبين نبي يجيء ومعه نور من الكتاب، ويفرق بين ما شرفت به من إكرام الحق وبين ما شرفوا به، فقال تعالى تشريف لموسى عليه السلام:
وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء
[الأعراف: 145]، وقال تشريفا لك:
فأوحى إلى عبده مآ أوحى
[النجم: 10]، وقال تشريفا لأمتك:
كتب في قلوبهم الإيمان
[المجادلة: 22].
فشتان بين نبي يشرف بكتابة الموعظة في الألواح، وبين نبي تشرف أمته بكتابة الإيمان لهم في قلوبهم، { إن الذين كفروا بآيات الله } [آل عمران: 4]؛ أي: يسترون بحجب الفضلات وتتبع الشهوات قلوبهم، فعميت عن مشاهدة هذه الآيات البينات والدلائل الواضحات، والأنوار اللامعات، والبراهين القاطعات، { لهم عذاب شديد } [آل عمران: 4]، من هذا العمى والحرمان، وهم في الخسران المبين بالركون إلى النقصان وترك العاجلة بطريق المتابعة { والله عزيز ذو انتقام } [آل عمران: 4]، يعز أهل الكرام بنيل المرام، ويذل اللئام أهل الستر بشدة الانتقام، فينتقم منهم بتعززه بحجاب العزة، ويعذبهم بتحجبهم عنه بنقاب العزة.
ثم أخبر عن فضله وكرمه العشام مع سائر الأنام، بأن صوره في الأرحام بقوله تعالى: { إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السمآء } [آل عمران: 5]، والإشارة فيها: إن الله هو الذي قدر المقادير في الأزل كيف يشاء، ودبر الأحوال على ما يشاء، ثم خلق الأرض والسماء وبث فيهما كل ما يشاء، فلا يخفى عليه شيء من الأشياء لا في الأرض ولا في السماء، { هو الذي يصوركم في الأرحام } [آل عمران: 6] في الظلمة الثلاث، { كيف يشآء } [آل عمران: 6]؛ أي: كيف ما يشاء في الأزل حين قدر الخلق والرزق والأجل، فإذا لم يخف عليه شيء مما في الأزل، ولا في تصويركم في الأرحام في الظلمات كيف تخفى عليه ما هو في الخارج، ثم قال تعالى: { لا إله إلا هو } [آل عمران: 6]؛ يعني: ليس له آخر، فيخلق شيئا يكون مخفيا عليه، أم بتعقب كلمة وقضاؤه بالنقص أو بعارض بتقديراته وتدبيراته في كل شيء من الأشياء بالإهمال والرفض، { لا إله إلا هو } [آل عمران: 6]، المقدر والمدبر { العزيز } [آل عمران: 6] عن نقض الأحكام { الحكيم } [آل عمران: 6]، فيما يجري من الأزل إلى الأبد، وجفت به الأقلام.
وفيه إشارة أخرى وهي: إن الله تعالى يصور الجنين بصورة الإنسانية على نطفة سقطت في الرحم بتدبير الأربعينيات، فكذلك إذا سقطت من صلب ولاية الرجل رجاله نطفة إرادة في رحم قلب مريد صادق، والمريد ليستسلم لتصرفات ولاية الشيخ؛ وهي بمثابة ملك الأرحام، فافهم جيدا.
अज्ञात पृष्ठ