250

तावीलात

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

शैलियों

إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما

[النساء: 40]، وأما إذا كان لما يجري على الظواهر من الشر أدنى أثر في الطلب، فإن الله تعالى من غاية لطفه وإحسانه لا يؤاخذ العبد به؛ بل يحلم عنه ويتوب عليه، ويغفر له كما قال الله: { للذين يؤلون من نسآئهم تربص أربعة أشهر } [البقرة: 226]، الآيتين والإشارة فيهما أن يعلم العبد أن الله تعالى لا يضيع حق أحد من عباده لا على نفسه، ولا على غيره فلما تقاصر لسان الزوجة لكونها أسيرة في يد الزوج، فالله تعالى تولى الأمر بمراعاة حقها، فأمر الزوج بالرجوع إليها أو تسريحها، فإذا كان حق صحبة الإشكال محفوظا عليك حتى لو أخللت به أخذك بحكمة فحق الحق أحق بأن تجب مراعاته { فإن فآءو } [البقرة: 226]، ارجعوا عن تضييع حقوقه إلى إحياء ما أماتوا واستدركوا ما ضيعوا { فإن الله غفور } [البقرة: 226]، يغفر بالتوبة والإناية ما صدر منهم { رحيم } [البقرة: 226]، يرحم عليهم بتدارك ما فات لهم، وفي تعين تربص أربعة أشهر، في الفيء إشارة عجيبة، وهي أنها مدة تعلق الروح بالجنين كما قال صلى الله عليه وسلم:

" أن الله خلق أحدكم في بطن أمه أربعين يوما ما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم بعث الملك بأربع كلمات يقول: اكتب رزقه وعمله وأجله وشقيا أم سعيدا ثم نفخ فيه الروح "

، فمن وقع له من أهل القصد وقفة أو فترة في أثناء السلوك من دلالة النفس ونفرة الطبع فعلى الشيخ، وعلى الأصحاب أن لا يفارقوه في الحقيقة، وأن يعاونوه بالهمم العلية لاستجلابه، وتربصوا أربعة أشهر الرجوع، فإن فاءوا إلى صدق الطلب ورعاية حق الصحبة، واستغفر على ما جرى منه، ونفخ فيه روح الإرادة مرة أخرى أقبلوا عليه، ويعفون عما لديه فإن هذا ربيع لا يرعاه إلا المهزولون، وربع لا يسكنه إلا المعزولون ومنهل لا يرده إلا اللاهون، وباب لا يقرعه إلا الماكثون بل هذا شراب لا يذوقه إلى العارفون وغناء لا يطرب عليه إلا العاشقون { وإن عزموا } [البقرة: 227] بعد مضي أربعة أشهر: { الطلاق } [البقرة: 227]، طلاق منكوحة المواصلة، وأصروا على ذنب المفارقة فلهم التمسك بعروة

هذا فراق بيني وبينك

[الكهف: 78] { فإن الله سميع } [البقرة: 227]، بمقالتهم { عليم } [البقرة: 227]، بحالتهم.

[2.228-232]

ثم أخبر عن المطلقات، وأحوالهن في العذاب بقوله تعالى: { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } [البقرة: 228]، والإشارة فيها أن المطلقات أمرن بالعدة وفاء لحق الصحبة، وإن كان الانقطاع من الزوج لا من الزوجة، وأمرن أن يغرن على عزة مقامه بالسرعة، ويصبرن حتى يمضي مقدارا من المدة إلى آخر القصة كلها دلالات على وفاء الربوبية في رعاية حق العبودية، فإن الله تعالى من كمال كرمه يرخي زمام الفضل بالاصطناع، وإن كان من العبد الفضل والانقطاع، ويمهل العبد إلى انقطاع عدة الجفاء لا يعرض عنه سريعا لإقامة شرط الوفاء لعل العبد في مدة العدة يتنبه من نوم الغفلة وتتحرك داعيته في ضمير قلبه من نتائج محبته ربه إذ لم تكن له. { ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر } [البقرة: 228]، لا يكتم ما خلق الله في رحم قلبه من المحبة، وإن ابتلاه بمحنة الفرقة؛ فيقرع بإصبع الندامة باب التوبة، ويقوم على قدم الغرامة في طلب الرجعة والأوبة، فيقال من كمال الفضل والنوال: يا قارع الباب دع نفسك وتعال من طال منا فلاحا فليلزم عتبتنا مساء وصباحا { وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا } [البقرة: 228]، وفي قوله تعالى: { ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة } [البقرة: 228]، إشارة إلى أن للعباد حقا في ذمة كرم الربوبية كما أن لله حقا في ذمة عباده فمهما راعى العبد حق الربوبية بتقربه إليه شبرا، فالله أحق أن يراعي العبودية فيتقرب إليه ذراعا، ولله عز وجل في رعاية حق العباد درجة عليهم ورعايتهم حق الله تعالى؛ لأنهم راعون حقه على عجزهم وضعف حالهم، وتغير أحوالهم، والله تبارك وتعالى يراعي حقوقهم على قدر كماله وعظمته وجلاله وسعة فضله ونواله، وقال تبارك وتعالى:

" إن أتاني يمشي أتيته هرولة "

، قال الله تعالى:

अज्ञात पृष्ठ