228

तावीलात

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

शैलियों

" أعوذ بك منك "

، { لعلكم تفلحون } [البقرة: 189]؛ لكي تنجو وتتخلصوا من مهالك النفوس بإعانة الملك القدوس.

ثم أخبر عن النجاة وطريق نيل الدرجات بقوله تعالى: { وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم } [البقرة: 190]، والإشارة في تحقيق الآية أن قاتلوا من يمنعكم عن السير في سبيل الله، أو أراد أن يقطع عليكم طريقه من شياطين الأنس والجن حتى نفوسكم، وإن أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا رجع من جهاد:

" رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر "

، { ولا تعتدوا } [البقرة: 190]؛ أي: لا تجاوزوا عن حد الشرع، فتجاهدوا بالطبع ولكن كونوا قانتين على قدم الاستقامة بقدر الاستطاعة، وهو أن تقفوا حيث ما توقفون، وتفعلوا ما به تؤمرون، { إن الله لا يحب المعتدين } [البقرة: 190]، فلا تجمعون طرفي الإفراط والتفريط.

[2.191-192]

ثم أخبر عن إقامة حق الاستقامة بقوله تعالى: { واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم } [البقرة: 191]، إلى قوله تعالى:

فلا عدوان إلا على الظالمين

[البقرة: 193] والإشارة فيها: { واقتلوهم حيث }؛ أي: اقتلوا الكافر النفس وهواها من قلوبكم كما أخرجتكم من جمعية القلب وحضوره، { والفتنة أشد من القتل } [البقرة: 191]؛ يعني: المحنة التي ترد على القلوب من طوارق فتنة النفس؛ لتحجبها عن الله أشد من المحن التي ترد على النفوس من القتل بمخالفة هواها، فإن حياتها بمألوفاتها، وحياة القلب لا تكون إلا بالله، { ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام } [البقرة: 191]؛ يعني: لا تلتفتوا إلى النفس وصفاتها حتى تكونوا آمنين مطمئنين في مقامات القلب والروح، ولا تنازعوهم مما نازعوكم، وكونوا مراقبين أحوالكم وحضور قلوبكم مع الله، { حتى يقاتلوكم فيه } [البقرة: 191]؛ أي: يزاحكمونكم في الحضور، ويسمونكم بالهواجس ودواعي الهوى، { فإن قاتلوكم } [البقرة: 191]، نازعوكم في الجمعية والحضور، { فاقتلوهم كذلك جزآء الكافرين } [البقرة: 191]، بسيف الصدق، واقطعوا ثائرة تلك الدواعي عن نفوسكم بكل ما أمكن؛ لئلا تبقى لكم علاقة تصدكم عن ذكر الله.

{ فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم } [البقرة: 192]؛ يعني: إذا انقطع عنكم مزاحمة النفس وهواها وانخمدت نار شهواتها وسكنت دواعيها وقنعت بما لا بد لها فصارت كالذمي لا يجوز أذيتها، فدعوها مع ذاتها وإعطاء جزيتها بأداء الحقوق وترك الفضول في الحظوظ، ولا تؤذوها بالقلق في مجاهداتها، وإن من طولب بحفظه الأسرار لا يفرغ إلى مجاهدات النفوس بل المطلوب فراغ القلب عما سواه وحضوره مع مولاه.

अज्ञात पृष्ठ