तावीलात
التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي
शैलियों
وحده ولوا على أدبرهم نفورا
[الإسراء: 46] فكما أن بني إسرائيل لم يصبروا على طعام واحد كان ينزل عليهم من السماء، وقال لموسى عليه السلام من خساسة طبعهم وركاكة عقلهم: { فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض } [البقرة: 61]، كذلك نفس الإنسان من خسة طينتها ودناءة همتها لم تصبر على طعام واحد يطعمها الرب الواحد واردات الغيب وإلهامات الرب، كما كان يصبر نفس النبي صلى الله عليه وسلم ويقول:
" لست كأحدكم فإني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني "
بل تقول لموسى القلب: { فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت } أرض البشرية { من بقلها } [البقرة: 61]، الشهوات الحيوانية { وقثآئها } [البقرة: 61]، اللذات الجسمانية.
{ قال أتستبدلون الذي هو أدنى } [البقرة: 61]، من البقول الدنيوية الفانية { بالذي هو خير } [البقرة: 61]، أي: الباقيات الأخروية التي خير عند ربك { اهبطوا مصرا } [البقرة: 61]، القالب السفلي من مقامات الروح العلوي { فإن لكم ما سألتم } [البقرة: 61]، من المطالب الدنيوية والمقاصد الردية.
{ وضربت عليهم الذلة والمسكنة } [البقرة: 61]، كالبهائم والأنعام بل هم أضل سبيلا؛ لأنهم { وبآءو بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله } [البقرة: 61]، من الواردات الغيبية والمكاشفات الروحية ويئسوا منها وطلبوا غيرها { ويقتلون النبيين بغير الحق } [البقرة: 61] أي: يتركون ما يفتح الله لهم من أنباء الغيب في مقام الأنبياء إضرارا بهم { ذلك } [البقرة: 61] يعني: حصول هذه المقامات، { بما عصوا } [البقرة: 61]، ربهم في نقض العهد وتبدل المجهود في طاعة المقصود { وكانوا يعتدون } [البقرة: 61]، من طلب الحق في مطالبة ما سواه.
ثم أخبر عن حال أهل السلامة من ثبت منهم على الاستقامة بقوله تعالى: { إن الذين آمنوا والذين هادوا } [البقرة: 62]، والإشارة فيها بقول تعالى: { إن الذين آمنوا } [البقرة: 62]، من مدعي الإسلام وغيرهم { والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا } [البقرة: 62] يعني: كان نور الله نور قلبه حتى آمن بذلك النور، كما قال تعالى:
" كنت له سمعا وبصرا ولسانا فبي يسمع وبي يبصر وبي ينطق "
، كذلك هاهنا من آمن بالله من جملة المذكورين فبي يؤمن لا بالتقليد والرسم والعادة والاقتداء بالآباء وأهل البلد { فلهم أجرهم } [البقرة: 62] أي: ثوابهم وجزاؤهم { عند ربهم } [البقرة: 62] أي: مقام العندية والوصول، { ولا خوف عليهم } [البقرة: 62]، من حجب الأنانية { ولا هم يحزنون } [البقرة: 62]، بالأنانية لأن بها ينقطع الطالب عن المطلوب ويحتجب المحب عن المحبوب، ولذلك قال تعالى:
ألا إن أوليآء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون
अज्ञात पृष्ठ