ولا بالنورة ولا بالحجارة إلا أن يكون على ذلك تراب ما كان فيتيمم به، باطن ذلك أن المبتلى المستضعف لا يجزيه أن يقصد لطهارته إلا مؤمنا كما ذكرنا ومثله مثل التراب كما قدمنا وأمثال ما ذكروا أنه لا يجزى المتيمم أن يتيمم به أمثال الكفار والمنافقين وأهل الظاهر من العامة غير المستجيبين فليس ينبغى لمن أصابه ذلك أن يقصد أحدا من هؤلاء ولا يجزيه أن يأخذ عنهم ما يتطهر به فإن كانت محنته ونعوذ بالله من المحن يستتر المؤمنون فيها بهؤلاء ويختفون فيهم[1] كما يستتر ويخفى التراب اليسير والغبار إذا وقع على الجص والحجارة والرماد وغير ذلك ومما لا يجزى التيمم به أجزى المستضعف أن يأخذ عن مؤمن طاهر نقى مستور على نحو ما ذكرنا من التيمم بالغبار الذي يكون فى الثياب واللبود وغيرها مما مثله أيضا مثل أهل الطاهر من العوام ومثل استتار الغبار فيها مثل استتار المؤمنين بهم وإظهارهم أنهم منهم للتقية.
ويتلو ذلك قولهم صلى الله عليهم وسلم ولا تيمم فى الحضر إلا من علة فقد تقدم القول بأن العليل هو المستضعف ثم قالوا صلى الله عليهم وسلم فيما استثنوه من التيمم فى الحضر أو أن يكون رجل أخذه زحام لا يخلص منه يعنون إلى الماء وحضرت الصلاة فإنه يتيمم ويصلى ويعيد تلك الصلاة يعنون إذا قدر على الماء بعد أن يتطهر به فمثل ذلك فى الباطن مثل المستجيب لا يقدر على الوصول إلى الداعى لكثرة ازدحام المستجيبين عليه ولأنهم قد حالوا بينه وبين الوصول إليه فله أن يقتصر على ظاهر علم المؤمنين الذين أخذوه عن أولياء الله ويعمل به ويكون فى ذلك كحال من وصل إلى الدعوة فى الفضل إذا كان طالبا راغبا لم يقطع به عن ذلك إلا ما ذكرناه لقوله:@QUR016 «ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله» [2].
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: الجالس فى المسجد ينتظر الصلاة هو فى صلاة ما لم يحدث، والصلاة كما ذكرنا مثلها فى الباطن مثل الدعوة، والمسجد مثله مثل الداعى، ومثل الجلوس فيه ومثل وصول المستجيبين له، فإذا وصل الممنوع بالزحام إلى الداعى فأخذ عليه كان مثله مثل من وصل إلى الماء وتطهر به وإعادته
पृष्ठ 127