وعليهم وعرف فضلهم وحقهم واستكان إليهم. قد سمعتم معاشر الإخوان تأويل ما أثبت لكم فى كتاب الدعائم من ظاهر ما تعبدكم الله بإقامته ظاهرا وباطنا وباطن ذلك إلى آخر القول فى المسح على القدمين من صفات الوضوء وأنتم تسمعون الآن ما يتلو ذلك ورب سامع يعرض عما يسمعه فلا يعيه ولا ينتفع به وإنما تسمع وتبصر القلوب فهلموا بها مقبلين على ما تسمعون معتقدين بخالص من نياتكم واجتهادكم ورغباتكم وبصائركم يزكو ذلك لديكم ويثبت عندكم فإن البذور والغرس لا ينبت إلا فيما طاب وكرم من الأرض وفيها يغوص الماء وتقبله، وأما ما صلب منها فإنه يمر الماء على وجهه من شدته وقسوته ويفسد البذور والغروس فيما خبث منها ولم يقبل الماء جعلكم الله ممن يقبل ما يحييه وممن يلقنه ويعيه ويستجيب له ويقبل عليه كما أمر تعالى بذلك المؤمنين من عباده بقوله:@QUR011 «يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم» فإنما الحى المؤمن العالم بالدين والجاهل ميت كما قال تعالى:
@QUR07 «أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون» جعلكم الله ممن يحيا فى الدنيا الحياة الموصولة بالحياة الدائمة فى الدار الآخرة. ومما يتلو ما سمعتموه ما جاء فى الدعائم من النهى عن تقديم غسل بعض أعضاء الوضوء ومسحها على بعض والأمر بأن يؤتى به على نسق ما ذكره الله فى كتابه بقوله:@QUR010 «فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤسكم وأرجلكم إلى الكعبين» وقد ذكرنا فيما تقدم أن هذه الأربعة هى الفرائض فى الوضوء وأن الاستنجاء والمضمضة والاستنشاق سنة فيه وأن هذه الثلاثة التى هى من السنة يبتدأ بها فى الوضوء قبل الفريضة وذكرنا العلة التى أوجبت ذلك فأما العلة التى نهى لها عن تقديم بعض أعضاء الوضوء على بعض والأمر بأن يؤتى بالغسل والمسح عليها على ما نصه الله فى كتابه وسنة رسوله لا يقدم منها ما أخراه ولا يؤخر منها ما قدماه فالابتداء فى الوضوء غسل الكفين وقد ذكرنا أن تأويلهما فى الباطن حدود أولياء الله المنصوبين بينهم وبين العباد الذين بهم ومن قبلهم يوصل إليهم وأن مثل واجب غسل الكفين قبل إدخالهما الإناء إذا كان بهما نجاسة مثل من كان تنقص هذه الحدود أو بعضها أو أزرى بها أو نال مكروها منها فلا ينبغى له أن يتوسل بهم وهو على ذلك فيهم حتى يتطهر منه بالتوبة ويخلص لهم المودة لجميعهم والمعرفة بحقهم ويكون ذلك أول شيء يبتدأ به لأنهم أول من يعرفه
पृष्ठ 100