115

إلا من قبل الله وذلك قوله:@QUR04 «إني أرى في المنام» والنوم مثله مثل الغافلة كما تقدم القول بذلك فيما بيناه وذلك قوله:@QUR011 «وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين» فنبهه من غفلته إنعاما عليه إذ كان من المحسنين ولم يدعه لرأيه الذي رآه وأخذه عليه بقوله:@QUR06 «أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا» أى صدقت ما رأيته برأيك وظننت أنه الصواب ثم قال:@QUR03 «وفديناه بذبح عظيم» يعنى أنه فدى إسحاق مما كان أراد أن يورد له فيه بأن أمر إبراهيم أن يسند أمر الوصية إلى إسماعيل فعظمه وقال:@QUR010 «وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين» فلم يؤاخذ إبراهيم ولا إسحاق بما قد تفاوضا فيه وهما به من ذلك وبارك عليهما والبركة التكثير أى كثر نسلهما وأخبر أن من ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين فالمحسنون منهم الأئمة ومن اتبعهم ودان بإمامتهم من جماعتهم والظالمون هم الذين عندوا عن الأئمة وبانوا من جملة أتباعهم.

ويتلو ذلك ذكر الحيض: والحيض علة تصيب النساء فى الظاهر وكذلك يسمونه علة، وأمثال النساء كما ذكرنا فى الباطن أمثال المستجيبين فتأويل جملة القول فى الحيض فى الباطن أنه علة وفساد يدخل على المستجيب فى دينه يحرم عليه من أجلها سماع الحكمة والكون فى جماعة أهل الدعوة كما لا يحل فى الظاهر للمرأة إذا حاضت أن تصلى ولا تدخل المسجد وكذلك لا يحل لمفيد ذلك المستجيب أن يفيده شيئا من العلم إذا أحدث ذلك الحدث حتى يتطهر منه بالتوبة والنزوع عنه والإقلاع وينقطع عنه ما عرض من ذلك الفساد فى دينه كما يكون كذلك ويحرم على الرجل وطء زوجته إذا حاضت حتى تطهر من حيضتها وتنقطع عنها وقد قال قوم إنه إذا زال عنها دم الحيض حل وطؤها وإن لم تغتسل بالماء وقال آخرون لا يحل وطؤها حتى تغسل بالماء وهذا هو الثابت عن الأئمة فى الظاهر، وقد جاء عنهم صلى الله عليهم وسلم القول الأول ولكل وجه فمثل زوال الحيض وانقطاعه فى التأويل كما ذكرنا مثل زوال ما كان عرض لذلك المستفيد من الفساد الذي دخل عليه فى دينه وإقلاعه عنه بالقول والفعل والنية فإذا علم ذلك منه مفيده وتاب إليه منه فله أن يفاتحه بما يؤكد عنده فساد ما كان عليه وصواب ما صار من الرجوع عنه إليه وذلك مثل الغسل بالماء فإذا علم أنه قد تقرر ذلك عنده فاتحه بما كان يفاتحه به من الحكمة وذلك كما ذكرنا مثل المجامعة وأنها مباحة حينئذ لهما معا فى الظاهر

पृष्ठ 161