بسم الله الرحمن الرحيم تأويل الآيات الظاهرة الجزء الأول
पृष्ठ 15
سورة الفاتحة بسم الله الرحمن الرحيم [1] الحمد لله رب العلمين [2] الرحمن الرحيم [3] ملك يوم الدين [4] إياك نعبد وإياك نستعين [5] اهدنا الصراط المستقيم [6] صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين [7]
पृष्ठ 16
بسم الله الرحمن الرحيم [وبه نستعين] (1) إن أحسن ما توج به هام (2) ألفاظ الكلمات، وسطرته أقلام الكرام الحفاظ في صحائف أعمال البريات، حمد من استحق الحمد بنشر سحائب جود وجوده (3) على سائر الموجودات، وشكر من استوجب الشكر بسوابغ نعم آلائه، وآلاء نعمه السابغات.
ثم الصلاة على نبيه أفضل البشر وأشرف الكائنات (محمد بن عبد الله) الموصوف بسائر الكمالات.
والصلاة على الطيبين من آله والطيبات، صلى الله عليه وعليهم صلاة دائمة ما دامت الأرض والسماوات، وما نجم زهر نبات، وأزهر نجم نبات.
و [أما] (4) بعد فاني لما رأيت بعض آيات الكتاب العزيز وتأويلها يتضمن مدح أهل البيت عليهم السلام، ومدح أوليائهم، وذم أعدائهم في كثير من كتب التفاسير والأحاديث، وهي متفرقة (فيها) (5) صعبة التناول لطالبيها.
أحببت أن أجمعها بعد تفريقها، وأؤلفها بعد تمزيقها، في كتاب مفرد، ليكون
पृष्ठ 17
أسهل للطالب، وأقرب للراغب، وأحلى (للخاطر) (1) وأجلى للناظر، وأبين للتحقيق، وأهدى إلى سواء الطريق.
وأخذت هذا التأويل وجله من (2) الراسخين في العلم أولي التأويل، ومما ورد من طريق العامة، وهو من ذلك النزر (3) القليل.
وألحقت كل آية منها بسورتها، وجلوتها لأهلها في أحسن صورتها، وسميته (4):
(تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة) وجعلت ذلك خالصا لوجه ربي الكريم، وتقربا إلى النبي وأهل (5) بيته عليهم أفضل الصلاة والتسليم.
وقبل الشروع في التأويل ومعناه، نذكر مقدمة تليق أن تحل (6) بمعناه (7):
اعلم هداك الله إلى نهج الولاية، وجنبك مضلات الفتن والغواية، أنه إنما ذكرنا مدح الأولياء، وذم الأعداء، ليعلم الأولياء ما أعد لهم بموالاتهم، وما أعد لأعدائهم بمعاداتهم، فيحصل بذلك (8) التولي (9) للأولياء والتبري من الأعداء.
1 - واعلم أيدك الله أنه قد ورد من طريق العامة والخاصة الخبر المأثور عن عبد الله بن عباس (رضي الله عنه) أنه قال : قال لي أمير المؤمنين صلوات الله عليه:
(نزل القرآن أرباعا: ربع فينا، وربع في عدونا، وربع سنن وأمثال، وربع فرائض وأحكام، ولنا كرائم القرآن).
وكرائم القرآن: محاسنه، وأحسنه، لقوله تعالى: (الذين يستمعون القول
पृष्ठ 18
فيتبعون أحسنه) (1) والقول هو القرآن.
2 - ويؤيد هذا ما رواه الشيخ أبو جعفر الطوسي باسناده إلى الفضل بن شاذان، عن داود بن كثير، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أنتم الصلاة في كتاب الله عز وجل وأنتم الزكاة، [وأنتم الصيام] (2)، وأنتم الحج؟
فقال: يا داود نحن الصلاة في كتاب الله عز وجل، ونحن الزكاة، ونحن الصيام، ونحن الحج، (ونحن الشهر الحرام) (3)، ونحن البلد الحرام، ونحن كعبة الله ونحن قبلة الله، ونحن وجه الله، قال الله تعالى: (فأينما تولوا فثم وجه الله) (4) ونحن الآيات، ونحن البينات.
وعدونا في كتاب الله عز وجل: الفحشاء والمنكر والبغي والخمر والميسر والأنصاب والأزلام والأصنام والأوثان والجبت والطاغوت والميتة والدم ولحم الخنزير.
يا داود إن الله خلقنا فأكرم خلقنا (5) وفضلنا وجعلنا أمناءه وحفظته وخزانه على ما في السماوات و (ما في) (6) الأرض، وجعل لنا أضدادا وأعداء، فسمانا في كتابه، وكنى عن (7) أسمائنا بأحسن الأسماء وأحبها إليه تكنية عن العدو (8)، وسمى أضدادنا وأعداءنا في كتابه، وكنى عن أسمائهم، وضرب لهم الأمثال [في كتابه] (9) في أبغض الأسماء إليه، وإلى عباده المتقين (10).
3 - ويؤيد هذا ما رواه أيضا عن الفضل بن شاذان باسناده عن أبي عبد الله عليه السلام
पृष्ठ 19
أنه قال: نحن أصل كل خير، ومن فروعنا كل بر، ومن البر التوحيد والصلاة والصيام وكظم الغيظ، والعفو عن المسئ، ورحمة الفقير، وتعاهد الجار، والاقرار بالفضل لأهله.
وعدونا أصل كل شر، ومن فروعهم كل قبيح وفاحشة.
ومنهم (1) الكذب والنميمة، والبخل والقطيعة، وأكل الربا وأكل مال اليتيم بغير حقه، وتعدي الحدود التي أمر الله عز وجل [بها] (2)، وركوب الفواحش ما ظهر منها وما بطن: من الزنا والسرقة وكل ما وافق (3) ذلك من القبيح.
وكذب من قال أنه معنا، وهو متعلق بفرع غيرنا (4).
4 - ومن ذلك ما ذكره الشيخ أبو جعفر محمد بن بابويه (رحمة الله عليه في كتاب الاعتقادات) (5) وذكر شيئا من تأويل القرآن فقال: قال الصادق عليه السلام:
وما من آية في القرآن أولها (يا أيها الذين آمنوا) إلا وعلي بن أبي طالب أميرها وقائدها وشريفها وأولها.
وما من آية تسوق (6) إلى الجنة إلا [وهي] في النبي والأئمة عليهم السلام وأشياعهم وأتباعهم.
وما من آية تسوق (7) إلى النار إلا (وهي) (8) في أعدائهم، والمخالفين لهم.
وإن كانت (9) الآيات في ذكر الأولين [منها] (10) فما كان [منها] (11) من خير فهو جار في أهل الخير.
पृष्ठ 20
وما كان منها من (1) شر فهو جار في أهل الشر.
وليس في الأخيار خير (2) من النبي صلى الله عليه وآله ولا في الأوصياء أفضل (من أوصيائه ولا في الأمم أفضل من هذه الأمة، وهي شيعة أهل البيت عليهم السلام في الحقيقة دون غيرهم ولا في الأشرار شر (3) من أعدائهم والمخالفين لهم (4).
واعلم، جعلنا الله وإياك من أهل ولايتهم، ومن المتبرئين من أهل عداوتهم: أنه يأتي التأويل عنهم صلوات الله عليهم، وله باطن وظاهر وإذا (5) سمعت منه شيئا باطنا فلا تنكره، لانهم أعلم بالتنزيل والتأويل.
وربما يكون للآية الواحدة تأويلان، لعلمهم بما فيه من الصلاح للسائل والسامع.
5 - كما روى علي بن محمد، عن محمد بن الفضيل (6) عن شريس، عن جابر بن يزيد قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن شئ من تفسير القرآن؟ فأجابني، ثم سألته ثانية، فأجابني بجواب آخر.
فقلت: جعلت فداك، كنت أجبتني في هذ المسألة بجواب غير هذا؟!
فقال لي: يا جابر إن للقرآن بطنا، وللبطن بطنا، وله ظهرا، وللظهر ظهرا، وليس شئ أبعد من (7) عقول الرجال من تفسير القرآن، وإن الآية تنزل (8) أولها في شئ وآخرها في شئ، وهو كلام متصل يتصرف على (9) وجوه (10).
فإذا علمت ذلك فلنشرع في التأويل، (11)، والله حسبنا ونعم الوكيل.
पृष्ठ 21
(1) (سورة الفاتحة) قال الله السميع العليم:
بسم الله الرحمن الرحيم NoteV01P023N01 فضلها:
1 - جاء في تفسير الامام أبي محمد الحسن العسكري عليه السلام (1) قال:
ألا فمن قرأها معتقدا لموالاة محمد وآله الطيبين، منقادا لأمرهم، مؤمنا بظاهرهم وباطنهم، أعطاه الله بكل حرف منها حسنة، كل حسنة منها أفضل له من الدنيا وما فيها، من أصناف أموالها وخيراتها، ومن استمع إلى قارئ يقرأها كان له قدر ثلث ما للقارئ فليستكثر أحدكم من هذا الخير المعرض لكم، فإنه غنيمة، فلا يذهبن أوانه فتبقى في قلوبكم الحسرة (2).
पृष्ठ 23
وأما تأويلها:
2 - روى أبو جعفر بن بابويه رحمة الله عليه في كتاب التوحيد باسناده عن الصادق عليه السلام (1) أنه سئل عن تفسير * (بسم الله الرحمن الرحيم) * فقال: الباء بهاء الله والسين سناء الله، والميم ملك الله، قال السائل: فقلت: * (الله) *؟
فقال: الألف آلاء الله على خلقه والنعم بولايتنا، واللام إلزام خلقه بولايتنا.
قال: قلت: فالهاء؟ قال: هوان لمن خالف محمدا وآل محمد صلى الله عليه وآله.
قال: قلت: الرحمن؟ قال: بجميع [العالم] (2).
قال: قلت: الرحيم؟ قال: بالمؤمنين وهم شيعة آل محمد صلى الله عليه وآله خاصه (3).
3 - وذكر في تفسير الإمام الحسن العسكري عليه السلام قال: في تفسير قوله عز وجل:
* (الرحمن) * أن الرحمن مشتقة من الرحمة.
وقال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: قال الله تعالى أنا الرحمن وهي من الرحم، شققت لها اسما من اسمي، من وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته.
ثم قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن الرحم التي اشتقها الله تعالى من اسمه بقوله:
أنا الرحمن هي رحم محمد صلى الله عليه وآله، وإن من إعظام الله إعظام محمد وإن من إعظام محمد إعظام رحم محمد، وإن كل مؤمن ومؤمنة من شيعتنا هو من رحم محمد، وإن إعظامهم من محمد إعظام محمد، فالويل لمن استخف بشئ من حرمة رحم
पृष्ठ 24
محمد صلى الله عليه وآله وطوبى لمن عظم حرمته، وأكرم رحمه ووصلها (1).
4 - وقال الإمام عليه السلام: أما قوله * (الرحيم) * فأن أمير المؤمنين عليه السلام قال:
رحيم بعباده المؤمنين، ومن رحمته أنه خلق مائة رحمة وجعل منها رحمة واحدة في الخلق كلهم فيها تتراحم الناس، وترحم الوالدة ولدها، وتحنن (2) الأمهات من الحيوان على أولادها، فإذا كان يوم القيامة أضاف هذه الرحمة الواحدة إلى تسع وتسعين رحمة فيرحم بها أمة محمد صلى الله عليه وآله ثم يشفعهم فيمن يحبون له الشفاعة من أهل الملة حتى أن الواحد ليجئ إلى المؤمن من الشيعة، فيقول له: اشفع لي، فيقول له:
وأي حق لك علي؟ فيقول: سقيتك يوما ماء، فيذكر ذلك فيشفع له فيشفع فيه ويجئ آخر فيقول: أنا لي عليك حق، فيقول: وما حقك؟ فيقول إستظللت بظل جداري ساعة في يوم حار، فيشفع له فيشفع فيه، فلا يزال يشفع حتى يشفع في جيرانه وخلطائه ومعارفه، وان المؤمن أكرم على الله مما [تظنون] (3) (4).
وقال تعالى: الحمد لله رب العلمين NoteV01P025N02 5 - قال الإمام أبو محمد الحسن العسكري عليه السلام: حدثني أبي، عن جدي، عن الباقر، عن زين العابدين عليه السلام أن رجلا أتى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: أخبرني عن قول الله عز وجل * (الحمد لله رب العالمين) * ما تفسيره؟ فقال: * (الحمد لله) * هو أن الله عرف عباده بعض نعمه عليهم جملا، إذ لا يقدرون على معرفة جميعها بالتفصيل، لأنها أكثر من أن تحصى أو تعرف، فقال لهم: قولوا: * (الحمد لله رب العالمين) * على ما أنعم به علينا وذكرنا به من خير في كتب الأولين من قبل أن نكون ففي هذا إيجاب على محمد وآل محمد صلى الله عليه وآله لما فضلهم به، وعلى شيعتهم أن يشكروه
पृष्ठ 25
بما فضلهم به على غيرهم (1).
وقال تعالى: الرحمن الرحيم NoteV01P026N03 ملك يوم الدين NoteV01P026N04 تأويله:
ف * (الرحمن الرحيم) * مر بيانه و * (مالك يوم الدين) *.
6 - قال الإمام عليه السلام: قال أمير المؤمنين عليه السلام: و * (مالك يوم الدين) * يوم الحساب، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ألا أخبركم بأكيس الكيسين وأحمق الحمقى؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: أكيس الكيسين من حاسب نفسه، وعمل لما بعد الموت، وإن أحمق الحمقى من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله تعالى الأماني.
فقال الرجل: يا أمير المؤمنين وكيف يحاسب الرجل نفسه؟ فقال: إذا أصبح ثم أمسى رجع إلى نفسه وقال: يا نفس إن هذا يوم مضى عليك لا يعود إليك أبدا، والله تعالى يسألك عنه بما [أفنيته] (2) وما الذي عملت فيه؟ أذكرت الله؟ أحمدتيه؟
أقضيت حق أخ مؤمن؟ أنفست عنه كربة؟ أحفظتيه بظهر الغيب في أهله وولده؟
أحفظتيه بعد الموت في مخلفيه؟ أكففت عن غيبة أخ مؤمن بفضل جاهك؟ أأعنت مسلما؟ ما الذي صنعت فيه؟ فيذكر ما كان منه، فان ذكر أنه جرى منه خير حمد الله تعالى وشكره على توفيقه، وإن ذكر [معصية] (3) أو تقصيرا استغفر الله تعالى وعزم على ترك معاودته ومحا ذلك عن نفسه بتجديد الصلاة على محمد وآله الطيبين، وعرض بيعة أمير المؤمنين عليه السلام على نفسه وقبوله لها، وإعادة لعن أعدائه وشانئيه ودافعيه عن حقوقه، فإذا فعل ذلك قال الله عز وجل: لست أناقشك في شئ من الذنوب مع موالاتك أوليائي ومعاداتك أعدائي (4).
पृष्ठ 26
وقال تعالى: إياك نعبد وإياك نستعين NoteV01P027N05 7 - قال الإمام عليه السلام * (إياك نعبد وإياك نستعين) *، قال الله: قولوا أيها الخلق المنعم عليهم * (إياك نعبد) * أيها المنعم علينا ونطيعك مخلصين مع التذلل والخضوع بلا رياء ولا سمعة * (وإياك نستعين) * منك نطلب (1) المعونة على طاعتك لنؤدي بها كما أمرت، ونتقي من دنيانا ما عنه نهيت، ونعتصم من الشيطان ومن سائر مردة الانس المضلين والمؤذين الظالمين بعصمتك (2).
وقال تعالى: اهدنا الصراط المستقيم NoteV01P027N06 8 - قال الإمام عليه السلام: قال جعفر بن محمد الصادق عليه السلام: * (إهدنا الصراط المستقيم) * يقول أرشدنا الصراط المستقيم للزوم الطريق المؤدي إلى محبتك والمبلغ جنتك والمانع من أن نتبع أهواءنا فنعطب، أو نأخذ بآرائنا فنهلك (3).
9 - قال أمير المؤمنين عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله، عن جبرئيل، عن الله عز وجل أنه قال: يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته، فسلوني الهدى أهدكم (4).
10 - ومنه يا عبادي اعملوا أفضل الطاعات وأعظمها لأسامحكم وإن قصرتم فيما سواها، واتركوا أعظم المعاصي وأقبحها لئلا أناقشكم في ركوب ما عداها، إن أعظم الطاعات توحيدي وتصديق نبيي والتسليم لمن نصبه بعده وهو علي بن أبي طالب والأئمة الطاهرين من نسله. وإن أعظم المعاصي عندي الكفر بي وبنبيي ومنابذة ولي محمد صلى الله عليه وآله من بعده علي بن أبي طالب وأوليائه بعده عليهم السلام فان أردتم
पृष्ठ 27
أن تكونوا عندي في المنظر الأعلى والشرف الأشرف فلا يكونن أحد من عبادي آثر [عندكم] (1) من محمد وبعده من أخيه علي وبعدهما من أبنائهما القائمين بأمور عبادي بعدهما، فان من كانت تلك عقيدته جعلته من اشراف ملوك جناني.
واعلموا أن أبغض الخلق إلي من تمثل بي وادعى ربوبيتي، وأبغضهم إلي بعده من تمثل بمحمد ونازعه بنبوته وادعاها، وأبغضهم إلي بعده من تمثل بوصي محمد ونازعه في محله وشرفه وادعاهما، وأبغض الخلق إلي من بعد هؤلاء المدعين لما به لسخطي يتعرضون من كان لهم على ذلك من المعاونين، وأبغض الخلق إلي بعد هؤلاء من كان بفعلهم من الراضين وإن لم يكن لهم من المعاونين، وكذلك أحب الخلق إلي القوامون بحقي، وأفضلهم لدي وأكرمهم علي محمد سيد الورى وأكرمهم وأفضلهم بعده علي أخو (2) المصطفى، المرتضى ثم بعدهما القوامون بالقسط أئمة الحق وأفضل الناس بعدهم من أعانهم على حقهم وأحب الخلق بعدهم من أحبهم وأبغض أعدائهم وإن لم يمكنه معونتهم (3).
11 - ومعنى هذا التأويل أن النبي والأئمة - صلوات الله عليهم - هم الصراط المستقيم لما يأتي بيانه من طريق العامة، عن السدي، عن أسباط، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قوله تعالى * (اهدنا الصراط المستقيم) * أي قولوا معاشر الناس:
* (اهدنا الصراط المستقيم) * أي إلى ولاية محمد وأهل بيته صلوات الله عليهم (4).
12 - وذكر علي بن إبراهيم (ره) في تفسيره، [عن أبيه، عن حماد] (5) عن
पृष्ठ 28
الصادق عليه السلام قال: * (الصراط المستقيم) * أمير المؤمنين [ومعرفته. والدليل على ذلك قوله تعالى: * (وأنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم) *] (1) (2).
13 - ويؤيده ما روي (3) عنهم عليهم السلام: أن الصراط صراطان: صراط في الدنيا وصراط في الآخرة، فأما الذي في الدنيا فهو أمير المؤمنين، فمن اهتدى إلى ولايته في الدنيا جاز على الصراط في الآخرة، ومن لم يهتد إلى ولايته في الدنيا لم يجز على الصراط في الآخرة (4).
ثم قال تعالى: صراط الذين أنعمت عليهم لما ذكر الصراط المستقيم عرفه وعرف أهله، فقال * (صراط الذين أنعمت عليهم) * والقول في (5) هؤلاء المنعم عليهم الذين صراطهم هو الصراط المستقيم.
وذكر أبو علي الطبرسي - رحمه الله - في تفسيره: أنهم النبي والأئمة صلوات الله عليهم (6) بدليل قوله تعالى * (فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين) * (7) الآية.
14 - ويؤيد ذلك ما جاء في تفسيره عليه السلام، قال الامام صلوات الله عليه: * (صراط الذين أنعمت عليهم) * أي قولوا: اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم بالتوفيق لدينك (8)
पृष्ठ 29
وطاعتك وهم الذين قال الله تعالى * (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا) * (1).
وليس هؤلاء المنعم عليهم بالمال والولد وصحة البدن، وإن كان كل ذلك نعمة من الله ظاهرة، ألا ترون أن هؤلاء قد يكونون كفارا أو فساقا؟ فما ندبتم إلى أن تدعوا أن ترشدوا إلى صراطهم، وإنما أمرتم بالدعاء أن ترشدوا إلى صراط الذين أنعم عليهم بالايمان بالله، وتصديق رسوله، والولاية لمحمد وآله الطيبين وأصحابه الخيرين المنتجبين، وبالتقية الحسنة التي يسلم بها من شر عباد الله، ومن الزيادة في آثام أعداء الله وكفرهم بأن تداريهم ولا تغريهم بأذاك (2) ولا أذى المؤمنين، وبالمعرفة بحقوق الاخوان من المؤمنين، فإنه ما من عبد ولا أمة والى محمدا وآله محمد وأصحاب محمد وعادى أعداءهم إلا كان قد اتخذ من عذاب الله حصنا منيعا وجنة حصينة (3).
ثم قال الله تعالى: غير المغضوب عليهم ولا الضالين NoteV01P030N07 15 - قال الإمام عليه السلام: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: أمر الله عز وجل عباده أن يسألوا (4) طريق المنعم عليهم وهم النبيون والصديقون والشهداء والصالحون، وأن يستعيذوا به من طريق المغضوب عليهم وهم اليهود.
قال الله تعالى فيهم * (قل هل أنبئكم من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه) * (5) وأن يستعيذوا به من طريق الضالين، وهم الذين قال الله تعالى فيهم * (قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل
पृष्ठ 30
وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل) * (1) وهم النصارى (2).
16 - علي بن إبراهيم (ره) عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: * (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) * المغضوب عليهم:
النصاب، والضالين: الشكاك الذين لا يعرفون الإمام عليه السلام (3).
(2) (سورة البقرة) (وما فيها من الآيات البينات في الأئمة الهداة) منها: بسم الله الرحمن الرحيم ألم NoteV01P031N01 ذلك الكتب لا ريب فيه هدى للمتقين NoteV01P031N02 الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون NoteV01P031N03 1 - تأويله: قال علي بن إبراهيم رحمه الله، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عن المفضل، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال * (ألم) * وكل حرف في القرآن مقطعة من حروف اسم الله الأعظم الذي يؤلفه الرسول والامام عليهما السلام فيدعو به فيجاب.
قال: قلت قوله * (ذلك الكتاب لا ريب فيه) * فقال: * (الكتاب) * أمير .
पृष्ठ 31
المؤمنين لا شك فيه، إنه إمام * (هدى للمتقين) *، فالآيتان (1) لشيعتنا هم المتقون * (الذين يؤمنون بالغيب) * وهو البعث والنشور، وقيام القائم، والرجعة.
* (ومما رزقناهم ينفقون) * قال: مما علمناهم من القرآن يتلون (2).
2 - ويؤيده ما رواه أبو جعفر محمد بن بابويه - رحمة الله عليه - باسناده، عن يحيى ابن أبي القاسم قال: سألت الصادق عليه السلام عن قول الله عز وجل * (ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون) * فقال: * (المتقون) * هم شيعة علي عليه السلام و * (الغيب) * هو الحجة الغائب (3).
3 - وذكر في تفسير الإمام العسكري عليه السلام قال: إن الله لما بعث موسى بن عمران ومن بعده إلى بني إسرائيل لم يكن فيهم أحد إلا أخذوا عليه العهود والمواثيق ليؤمنن بمحمد العربي الأمي المبعوث بمكة الذي يهاجر منها إلى المدينة، ويأتي بكتاب الحروف المقطعة إفتتاح بعض سوره، تحفظه أمته فيقرؤنه قياما وقعودا ومشاة وعلى كل الأحوال، يسهل الله تعالى حفظه عليهم بمحمد وأخيه ووصيه علي بن أبي طالب الآخذ عنه علومه التي علمها والمتقلد عنه أماناته التي قلدها ومذلل كل من عاند محمدا بسيفه الباتر، ومفحم كل من جادله وخاصمه بدليله القاهر، يقاتل عباد الله على تنزيل كتاب محمد صلى الله عليه وآله حتى يقودهم إلى قبوله طائعين وكارهين، ثم إذا صار محمد إلى رضوان الله تعالى وارتد كثير ممن كان أعطاه ظاهر الايمان، وحرفوا تأويلاته، وغيروا معانيه، ووضعوها على خلاف وجوهها، قاتلهم على تأويله، حتى يكون إبليس الغاوي لهم هو الخاسر الذليل المطرود المغلوب.
पृष्ठ 32
[ومنه] (1) قال الله تعالى: * (لا ريب فيه) * إنه كما قال محمد ووصي محمد [عن قول محمد] (2) عن قول رب العالمين.
ثم قال: و * (هدى) * أي بيان وشفاء للمتقين من شيعة محمد وعلي، اتقوا أنواع الكفر فتركوها، واتقوا الذنوب الموبقات فرفضوها، واتقوا اظهار أسرار الله وأسرار أزكياء عباد الله الأوصياء بعد محمد صلوات الله عليهم فكتموها.
واتقوا ستر العلوم عن أهلها المستحقين لها وفيهم نشروها (3).
قوله تعالى: والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون NoteV01P033N04 أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون NoteV01P033N05 4 - تأويله: قال الإمام أبو محمد العسكري عليه السلام: ثم وصف هؤلاء الذين يقيمون الصلاة فقال * (والذين يؤمنون بما انزل إليك) * يا محمد * (وما انزل من قبلك) * على الأنبياء الماضين، كالتوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وسائر كتب الله المنزلة على أنبيائه، بأنها حق وصدق من عند رب عزيز صادق حكيم * (وبالآخرة هم يوقنون) * بالدار الآخرة بعد هذه الدنيا يوقنون، ولا يشكون فيها أنها الدار التي فيها جزاء الأعمال الصالحة بأفضل ما عملوا (4) وعقاب الأعمال السيئة بما كسبوه.
قال الامام عليهما السلام: قال الحسن بن علي عليهما السلام: من دفع فضل أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقد كذب بالتوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وسائر كتب الله المنزلة، فإنه ما نزل شئ منها إلا وأهم ما فيه بعد الامر بتوحيد الله والاقرار بالنبوة .
पृष्ठ 33
الاعتراف بولاية (1) علي والطيبين من آله عليهم السلام (2).
قول الله عز وجل * (أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون) *.
5 - قال الإمام عليه السلام: لما أخبر الله سبحانه عن جلالة الموصوفين بهذه الصفات ذكر أنهم على هدى وبيان وصواب من ربهم وعلم بما أمرهم به * (هم المفلحون) * الناجون مما فيه الكافرون (3).
وقوله تعالى: إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون NoteV01P034N06 6 - تأويله: قال الإمام عليه السلام: لما ذكر هؤلاء المؤمنين ومدحهم، ذكر الكافرين المخالفين لهم في كفرهم، فقال: إن الذين كفروا بالله وبما آمن به هؤلاء المؤمنون بتوحيد الله تعالى وبنبوة محمد رسول الله، وبوصيه علي ولي الله ووصي رسول الله، وبالأئمة الطيبين الطاهرين خيار عباده الميامين القوامين بمصالح خلق الله تعالى * (سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم - أي خوفتهم أم لم تخوفهم - لا يؤمنون) * أخبر عن علم فيهم (4) بأنهم لا يؤمنون (5).
وقوله تعالى: ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الاخر وما هم بمؤمنين NoteV01P034N08 7 - تأويله: قال الإمام عليه السلام: قال العالم موسى بن جعفر عليهما السلام: إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما وقف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يوم الغدير موقفه المشهور المعروف، ثم قال: يا عبيد الله أنسبوني من أنا. فقالوا: أنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف.
पृष्ठ 34
ثم قال: أيها الناس ألست أولى بكم من أنفسكم؟ وأنا مولاكم وأولى بكم منكم بأنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. فنظر إلى السماء وقال: اللهم اشهد.
يقول ذلك ثلاثا، ويقولون ذلك ثلاثا.
ثم قال: ألا من كنت مولاه وأولى به فهذا علي مولاه وأولى به، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله.
ثم قال: قم يا أبا بكر فبايع له بإمرة المؤمنين. ففعل، ثم قال بعد ذلك لتمام تسعة، ثم لرؤساء المهاجرين والأنصار، فبايعوه كلهم.
فقام من بين جماعتهم عمر بن الخطاب فقال (بخ بخ (لك) (1) يا بن أبي طالب، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة) ثم تفرقوا عن ذلك وقد (وكدت) (2) عليهم العهود والمواثيق.
ثم إن قوما من متمرديهم وجبابرتهم، تواطأوا بينهم (لئن كانت لمحمد صلى الله عليه وآله كائنة لندفعن هذا الامر عن علي ولا نتركه له) فعرف الله تعالى ذلك من قبلهم (3) وكانوا يأتون رسول الله صلى الله عليه وآله ويقولون: لقد أقمت عليا (4) أحب الخلق إلى الله وإليك وإلينا، فكفيتنا به مؤونة الظلمة لنا والجبارين في سياستنا. وعلم الله تعالى من قلوبهم خلاف ذلك من مواطأة (5) بعضهم لبعض، وإنهم على العداوة مقيمون، ولدفع الامر عن مستحقه مؤثرون، فأخبر الله عز وجل محمدا عنهم، فقال يا محمد * (ومن الناس من يقول آمنا بالله - الذي أمرك بنصب علي إماما وسائسا ولامتك مدبرا - وما هم بمؤمنين) * بذلك ولكنهم يتواطأون على هلاكك وهلاكه ويوطئون أنفسهم على التمرد على علي، إن كانت بك كائنة (6).
पृष्ठ 35