على ما فيه الصلاح والمنفعة (1). (اختصاص الانسان بالحياء دون بقية الحيوانات) انظر يا مفضل الى ما خص به الانسان دون جميع الحيوان من هذا الخلق الجليل قدره العظيم غناؤه اعني الحياء فلولاه لم يقر ضيف (2) ولم يوف بالعداة ولم تقض الحوائج ولم يتحر الجميل ولم يتنكب (3) القبيح في شئ من الاشياء حتى ان كثيرا من الأمور المفترضة ايضا إنما يفعل للحياء فإن من الناس من لولا الحياء لم يرع حق والديه ولم يصل ذا رحم ولم يؤد امانة ولم يعف عن فاحشه.. أفلا ترى كيف وفى الانسان جميع الخلال التي فيها صلاحه وتمام أمره. (اختصاص الانسان بالمنطق والكتابة) تأمل يا مفضل ما انعم الله تقدست اسماؤه على الانسان من هذا المنطق الذي يعبر به عما في ضميره وما يخطر بقلبه وينتجه فكره وبه يفهم عن غيره ما في نفسه ولولا ذلك كان بمنزلة البهائم المهملة التي لا تخبر عن نفسها بشئ ولا تفهم عن مخبر شيئا وكذلك الكتابة التي بها تقيد اخبار الماضين للباقين واخبار الباقين للآتين وبها تخلد الكتب في العلوم والآداب وغيرها وبها يحفظ الانسان ذكر ما يجري بينه وبين غيره من المعاملات والحساب ولولاه لانقطع اخبار بعض الأزمنة عن
---
(1) يقول علم النفس الحديث ان النسيان عمل من أعمال الذهن كالتذكر تماما، وليس في مقدورنا أن نتذكر شيئا إلا إذا نسينا اشياء حتى ليمكن القول بأن الذاكرة هي أداة النسيان، ونحن نفكر بفضل ما نسينا، كما نفكر بفضل ما تذكرنا. (2) قرى الضيف: اضافة. (3) يتنكب: يتجنب.
--- [ 40 ]
पृष्ठ 39