مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ﴾ ١.وقال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ ٢ يبين أن حكمة الرب في خلقه للجن والإنس لا تقتضي أن كلا يفعل ما خلق له وأرسلت الرسل لأجله، ولهذه الحكمة أهلك الله من لم يعبده وحده، ولم يقبل ما جاءت به رسله، وشرع قتالهم لنبيه صلي الله عليه وسلم وأتباعه، فمنهم من أطاع وهم الأقلون، ومنهم من عصى وهم الأكثرون.
وهذا التوحيد هو دين الإسلام الذي لا يقبل الله من أحد دينا سواه، كما قال الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف ﵈: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ﴾ ٣، وهذا هو الدين الذي بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه، وأمر الرسل أن يقيموه، كما قال تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ ٤، وقال لنبيه محمد صلي الله عليه وسلم: ﴿قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ﴾ ٥، فأمره أن يعبده وحده وأن يدعو الأمة إلى ذلك. والقرآن كله في هذا التوحيد وبيانه وجزائه والرد على من جحده، كما قال تعالى: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ. هْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ ٦ وفي حديث معاذ الذي رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح، قال: قلت يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار، فقال: "سألت عن عظيم، وإنه ليسير على من يسره الله عليه: تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان- وذكر الحج - ثم قال: ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ " قلت: بلى يا رسول الله. قال: "رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروه سنامه الجهاد في سبيل الله " ٧.
فدل على أن الإسلام هو التوحيد، والفرائض من حقوقه. وقد أجمع الفقهاء على أن الإسلام شرط لصحة الصلاة وغيرها من الأعمال، وهو
_________
١ سورة النحل آية: ٣٦.
٢ سورة النساء آية: ٦٤.
٣ سورة يوسف آية: ٤٠.
٤ سورة الشورى آية: ١٣.
٥ سورة الرعد آية: ٣٦.
٦ سورة المائدة آية: ١٥-١٦.
٧ لم يروه أبو داود، وإنما الترمذي رقم (٢٦١٩) في الإيمان: باب ما جاء في حرمة الصلاة، وأحمد في "المسند" ٥/ ٢٣١ و٢٣٤ و٢٣٧ و٢٤٥ و٢٤٦، وابن ماجه رقم (٣٩٧٣) في الفتن: باب كف اللسان في الفتنة، وصححه الحاكم ٢ / ٤١٣ ووافقه الذهبي، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وهو كما قالوا. انظر "الإرواء" رقم (٤١٣) .
1 / 5