तव्दीह
التوضيح في حل عوامض التنقيح
अन्वेषक
زكريا عميرات
प्रकाशक
دار الكتب العلمية
प्रकाशन वर्ष
1416هـ - 1996م.
प्रकाशक स्थान
بيروت
शैलियों
مسألة لا بد للمجاز من قرينة تمنع إرادة الحقيقة عقلا أو حسا أو عادة أو شرعا وهي إما خارجة عن المتكلم والكلام كدلالة الحال نحو يمين الفور أو معنى من المتكلم كقوله تعالى واستفزز من استطعت منهم فإنه تعالى لا يأمر بالمعصية أو لفظ خارج عن هذا الكلام كقوله تعالى فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر فإن سياق الكلام وهو قوله تعالى إنا أعتدنا يخرجه من أن يكون للتخيير ونحو طلق امرأتي إن كنت رجلا لا يكون توكيلا أو غير خارج فإما أن يكون بعض الأفراد أولى كما ذكرنا في التخصيص أو لم يكن نحو الأعمال بالنيات ورفع عن أمتي الخطأ والنسيان لأن عين فعل الجوارح لا يكون بالنية وعين الخطأ والنسيان غير مرفوع بل المراد الحكم وهو نوعان الأول الثواب والإثم والثاني الجواز والفساد ونحوهما والأول بناء على صدق عزيمته والثاني بناء على ركنه وشرطه فإن من توضأ بماء نجس جاهلا وصلى لم يجز في الحكم لفقد شرطه ويثاب عليه لصدق عزيمته ولما اختلف الحكمان صار الاسم بعد كونه مجازا مشتركا فلا يعم أما عندنا فلأن المشترك لا عموم له وأما عنده فلأن المجاز لا عموم له فإذا ثبت أحدهما وهو النوع الأول من الحكم وهو الثواب اتفاقا لم يثبت الآخر أي النوع الآخر وهو الجواز ونحو لا يأكل من هذه النخلة ولا يأكل من هذا الدقيق ولا يشرب من هذا البئر حتى إذا استف أو كرع لا يحنث ونحو لا يضع قدمه في دار فلان وكالأسماء المنقولة ونحو التوكيل بالخصومة فإنه يصرف إلى الجواب لأن معناه الحقيقي مهجور شرعا وهو كالمهجور عادة فيتناول الإقرار والإنكار اعلم أن القرينة إما خارجة عن المتكلم والكلام أي لا تكون معنى في المتكلم أي صفة له ولا تكون من جنس الكلام أو تكون معنى في المتكلم أو تكون من جنس الكلام ثم هذه القرينة التي هي من جنس الكلام إما لفظ خارج عن هذا الكلام الذي يكون المجاز فيه بل يكون في كلام آخر أي يكون ذلك اللفظ الخارج دالا على عدم إرادة الحقيقة أو غير خارج عن هذا الكلام بل عين هذا الكلام أو شيء منه يكون دالا على عدم إرادة الحقيقة ثم هذا القسم على نوعين إما أن يكون بعض الأفراد أولى كما ذكر في التخصيص أن المخصص قد يكون كون بعض الأفراد ناقصا أو زائدا فيكون اللفظ أولى بالبعض الآخر فإذا قال كل مملوك لي حر لا يقع على المكاتب مع أن المكاتب مملوك حقيقة فيكون هذا اللفظ مجازا من حيث إنه مقصور على بعض الأفراد وهو غير المكاتب أو لم يكن بعض الأفراد أولى فانحصرت القرينة في هذه الأقسام فإن قيل قد جعل في فصل التخصيص كون بعض الأفراد أولى من قسم المخصص غير الكلامي وهنا جعل من قسم القرينة اللفظية فما الفرق بينهما قلنا المراد بالمخصص الكلامي أن الكلام بصريحه يوجب في بعض الأفراد حكما مناقضا لحكم يوجبه العام وكل مخصص ليس كذلك لا يكون كلاميا فيكون بعض الأفراد أولى بكونه مخصصا غير كلامي بهذا التفسير وهاهنا نعني بالقرينة اللفظية أن يفهم من اللفظ بأي طريق كان أن الحقيقة غير مرادة وفي كل مملوك لي حر يفهم من اللفظ عدم تناوله المكاتب فتكون القرينة لفظية جئنا إلى الأمثلة المذكورة في المتن فكل قسم من الأقسام فنظيره مذكور عقيب ذلك القسم لكن لم نذكره في كل مثال أن القرينة المانعة من إرادة الحقيقة مانعة عقلا أو حسا أو عادة أو شرعا فنبين هنا هذا المعنى ففي يمين الفور كما إذا أرادت المرأة الخروج فقال إن خرجت فأنت طالق يحمل على الفور فالقرينة مانعة عن إرادة الحقيقة عرفا والمعنى الحقيقي الخروج مطلقا وفي قوله تعالى واستفزز من استطعت منهم القرينة تمنع الحقيقة عقلا وكذا في قوله تعالى فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر لأن التخيير وهو الإباحة مع العذاب المستفاد من قوله إنا أعتدنا للظالمين نارا ممتنع عقلا وفي قوله طلق امرأتي إن كنت رجلا الحقيقة ممتنعة عرفا وفي قوله عليه السلام الأعمال بالنيات الحقيقة غير مرادة عقلا وفي لا يأكل من هذه النخلة أو الدقيق حسا وفي لا يشرب من هذه البئر حسا وعرفا وفي لا يضع قدمه عرفا وفي الأسماء المنقولة إما عرفا عاما أو خاصا أو شرعا وفي التوكيل بالخصومة شرعا فإن قيل لا نسلم أن المعنى الحقيقي ممتنع في قوله لا يأكل من هذه النخلة حسا لأن المحلوف عليه عدم أكلها وهو غير ممتنع حسا بل أكلها كذلك قلنا اليمين إذا دخلت على النفي كانت للمنع فوجب اليمين أن يصير ممنوعا باليمين وما لا يكون مأكولا حسا أو عادة لا يكون ممنوعا باليمين ثم عطف أول المسألة وهو أنه لا بد للمجاز من قرينة قوله فأما إذا كانت الحقيقة مستعملة والمجاز متعارفا فعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى المعنى الحقيقي أولى لأن الأصل لا يترك إلا لضرورة وعندهما المعنى المجازي أولى ونظيره لا يأكل من هذه الحنطة يصرف إلى القضم عنده وعندهما إلى أكل ما فيها مسألة وقد يتعذر المعنى الحقيقي والمجازي معا كقوله لامرأته وهي أكبر منه سنا أو معروفة النسب هذه بنتي أما الحقيقة أي المعنى الحقيقي وهو النسب في الفصل الأول أي في الأكبر سنا منه فظاهر وفي الثاني فلأنها أي الحقيقة والمراد المعنى الحقيقي إما أن تثبت مطلقا أي في حقه وفي حق من اشتهر النسب منه أي تكون دعوته معتبرة في حقهما يثبت النسب منه وينتفي ممن اشتهر منه ولا يمكن هذا أي ثبوت النسب من المدعي وانتفاؤه ممن اشتهر منه لأنه يثبت ممن اشتهر منه أو في حق نفسه فقط أي يثبت المعنى الحقيقي وهو النسب في حق نفسه فقط بأن يثبت منه من غير أن ينتفي ممن اشتهر منه وذا متعذر أي الثبوت في حق نفسه فقط لأن الشرع يكذبه لاشتهاره من الغير فلا يكون أي تكذيب الشرع المدعي أقل من تكذيبه نفسه والنسب مما يحتمل التكذيب والرجوع بخلاف العتق في أنه لا يحتمل التكذيب والرجوع وأما المجاز عطف على قوله أما الحقيقة والمراد أن المعنى المجازي متعذر وهو التحريم فلأن التحريم الذي يثبت بهذا أي بلفظ هذه بنتي مناف لملك النكاح فلا يكون حقا من حقوقه بيانه أنه إن ثبت التحريم بهذا اللفظ لا يخلو إما أن يثبت التحريم الذي يقتضي صحة النكاح السابق أو التحريم الذي لا يقتضيها والثاني منتف لأنه لو قال لأجنبية معروفة النسب هذه بنتي يكون لغوا فعلم أنه إن ثبت التحريم يثبت التحريم الذي يقتضي صحة النكاح السابق ويكون حقا من حقوق النكاح كالطلاق وذلك أيضا محال لأن هذا اللفظ يدل على التحريم الذي يقتضي بطلان النكاح السابق فكيف يثبت به التحريم الذي هو حق من حقوق النكاح واعلم أن تقرير فخر الإسلام رحمه الله تعالى على هذا الوجه أن الحقيقة إما أن تثبت في حقه وحق من اشتهر منه وذا غير ممكن أو في حق نفسه فقط ثم هذا إما أن يثبت في حق النسب وذا متعذر لأن الشرع يكذبه أو في حق التحريم وذا لا يمكن أيضا لأن التحريم الذي يثبت بهذا مناف لملك النكاح كما ذكرنا وأما المجاز وهو التحريم فلتلك المنافاة أيضا والفرق بين التحريم الأول والثاني أن المراد بالتحريم الأول ما ثبت بدلالة الالتزام فإن ثبوت النسب موجب للتحريم والمراد بالتحريم الثاني ما ثبت بطريق المجاز فإن لفظ السقف إذا أريد به الموضوع له دال على الجدار بطريق الالتزام ولا يكون هذا مجازا بل إنما يكون مجازا إذا أطلق السقف وأريد به الجدار فأقول لا حاجة إلى قوله إما أن يثبت في حق النسب أو في حق التحريم لأن الموضوع له ثبوت النسب فإن لم يثبت النسب لا يمكن ثبوت التحريم بطريق الالتزام لعدم ثبوت الأصل فهذا الترديد يكون قبيحا فالدليل النافي لهذا التحريم المدلول التزاما ليس كونه منافيا لملك النكاح بل الدليل النافي هو عدم ثبوت الموضوع له فعلم أن ثبوت التحريم لا يثبت إلا بطريق المجاز وذا متعذر أيضا للمنافاة المذكورة ولو ردد بهذا الوجه وهو أنه إن ثبت التحريم فإما أن يثبت بطريق الالتزام وهو محال لعدم ثبوت الموضوع له وهو النسب أو بطريق المجاز وهو أيضا محال للمنافاة المذكورة لكان أحسن
पृष्ठ 176