150

तव्दीह

التوضيح في حل عوامض التنقيح

अन्वेषक

زكريا عميرات

प्रकाशक

دار الكتب العلمية

प्रकाशन वर्ष

1416هـ - 1996م.

प्रकाशक स्थान

بيروت

وما ليس له ذلك أي القبيح ما ليس للقادر العالم بحاله أن يفعله فكلا تفسيري القبيح متساويان لا يتناولان إلا الحرام والمكروه فعلى التفسير الأول للحسن المباح واسطة بين الحسن والقبيح وعلى الثاني لا واسطة بينهما فعند الأشعري لا يثبتان إلا بالأمر والنهي لما ذكرت أن هذا الحكم مبني عنده على أصلين أوردت على مذهبه دليلين لإثبات الأصلين أما الأول فقوله لأنهما ليسا لذات الفعل أو لصفة له وإلا يلزم قيام العرض وضعفه ظاهر أي ضعف هذا الدليل ظاهر لأنه إن عني بقيام العرض بالعرض اتصافه به فلا نسلم امتناعه فإنه واقع كقولنا هذه الحركة سريعة أو بطيئة على أن قيام العرض بالعرض بهذا المعنى لازم على تقدير كونهما شرعيين أيضا نحو هذا الفعل حسن شرعا أو قبيح شرعا وإن عني أن العرض لا يقوم بعرض آخر بل لا بد من جوهر يقوم به العرضان فالقيام بهذا المعنى غير لازم على تقدير كون الحسن والقبح لذات الفعل أو لصفة له إذ لا بد من فاعل يقوم الفعل الحسن به وإن عني به معنى آخر فلا بد من بيانه لنتكلم عليه وأما الثاني فقوله ولأن فاعل القبيح إن لم يتمكن من تركه ففعله اضطراري وإن تمكن فإن لم يتوقف على مرجح كان اتفاقيا وإن توقف يجب عنده لأنا فرضناه مرجحا تاما ولئلا يترجح المرجوح ولا يكون المرجح باختياره لئلا يتسلسل فيكون اضطراريا والاضطراري والاتفاقي لا يوصفان بهما اتفاقا تقريره أن فاعل القبيح لا يخلو إما أن يكون متمكنا من تركه أو لا فإن لم يكن متمكنا من تركه ففعله اضطراري لأن التمكن من الفعل مع عدم التمكن من الترك لا يكون باختياره إذ لو كان يتكلم في ذلك الاختيار أنه باختياره أم لا فإما أن يتسلسل أو ينتهي إلى الاضطرار وإن كان متمكنا من تركه ففعله إن لم يتوقف على مرجح يكون اتفاقيا وهو لا يوصف بالحسن والقبح اتفاقا وأيضا يكون رجحانا من غير مرجح وهو محال وإن توقف على مرجح يجب وجود الفعل عند وجود المرجح لأنا فرضناه مرجحا تاما أي جملة ما يتوقف عليه وجود الفعل فلو لم يجب الفعل مع هذه الجملة فصدور الفعل مع هذه الجملة تارة وعدم صدوره أخرى يكون رجحانا من غير مرجح ولأنه لو لم يجب حينئذ يمكن عدمه لكن عدمه يوجب رجحان المرجوح وهو أشد امتناعا من رجحان أحد المتساويين وإذا وجب عند وجود المرجح لا يكون اختياريا لأن المرجح لا يكون باختياره وألا نتكلم في ذلك الاختيار كما ذكرنا فيؤدي إلى التسلسل أو الاضطرار والتسلسل باطل فثبت أنه اضطراري والاضطراري يوصف بالحسن والقبح اتفاقا واعلم أن كثيرا من العلماء اعتقدوا هذا الدليل يقينيا والبعض الذي لا يعتقدونه يقينيا لم يوردوا على مقدماته منعا يمكن أن يقال إنه شيء وقد خفي على كل الفريقين مواقع الغلط فيه وأنا أسمعك ما سنح لخاطري وهذا مبني على أربع مقدمات المقدمة الأولى أن الفعل يراد به المعنى الذي وضع المصدر بإزائه ويمكن أن يراد به المعنى الحاصل بالمصدر فإنه إذا تحرك زيد فقد قامت الحركة بزيد فإن أريد بالحركة الحالة التي تكون للمتحرك في أي جزء يفرض من أجزاء المسافة فهي المعنى الثاني وإن أريد بها إيقاع تلك الحالة فهي المعنى الأول والمعنى الثاني موجود في الخارج أما الأول فأمر يعتبره العقل ولا وجود له في الخارج إذ لو كان لكان له موقع ثم إيقاع ذلك الإيقاع يكون واقعا إلى ما لا يتناهى فيلزم التسلسل في طرف المبدأ في الأمور الواقعة في الخارج وهو محال ولأنه يلزم أنه إذا أوقع الفاعل شيئا واحدا فقد أوجد أمورا غير متناهية وهذا بديهي الاستحالة على أن كون الإيقاع أمرا غير موجود في الخارج أظهر على مذهب الأشعري فإن التكوين عنده أمر غير موجود في الخارج

पृष्ठ 330