السَّادِس عشر حَدِيث أبي رَافع الصَّحِيح عَن رَسُول الله ﷺ قَالَ (لَا أَلفَيْنِ أحدكُم مُتكئا على أريكته يَأْتِيهِ الْأَمر من أَمْرِي يَقُول لَا نَدْرِي مَا هَذَا بَيْننَا وَبَيْنكُم الْقُرْآن إِلَّا وَإِنِّي أُوتيت الْكتاب وَمثله مَعَه (وَوجه الِاسْتِدْلَال أَن هَذَا نهي عَام لكل من بلغه حَدِيث صَحِيح عَن رَسُول الله ﷺ أَن يُخَالِفهُ أَو يَقُول لَا أقبل إِلَّا الْقُرْآن بل هُوَ أَمر لَازم وَفرض حتم بِقبُول أخباره وسننه وإعلام مِنْهُ ﷺ أَنَّهَا من الله أوحاها إِلَيْهِ فَلَو لم تفد علما لقَالَ من بلغته إِنَّهَا أَخْبَار آحَاد لَا تفِيد علما فَلَا يلْزَمنِي قبُول مَالا علم لي بِصِحَّتِهِ وَالله تَعَالَى لم يكلفني الْعلم بِمَا لم أعلم صِحَّته وَلَا اعْتِقَاده بل هَذَا بِعَيْنِه هُوَ الَّذِي حذر مِنْهُ رَسُول الله ﷺ أمته ونهاهم عَنهُ وَلما علم أَن فِي هَذِه الْأمة من يَقُول حذرهم مِنْهُ فَإِن الْقَائِل إِن أخباره لاتفيد الْعلم هَكَذَا يَقُول سَوَاء مَا نَدْرِي مَا هَذِه الْأَحَادِيث وَكَانَ سلف هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ بَيْننَا وَبَيْنكُم الْقُرْآن وخلفهم يَقُولُونَ بَيْننَا وَبَيْنكُم أَدِلَّة الْعُقُول وَقد صَرَّحُوا بذلك وَقَالُوا نقدم الْعُقُول على هَذِه الاحاديث آحادها ومتواترها ونقدم الأقيسة عَلَيْهَا
السَّابِع عشر مَا رَوَاهُ مَالك عَن اسحاق بن عبد الله ابْن أبي طَلْحَة عَن أنس بن مَالك قَالَ كنت أَسْقِي أَبَا عُبَيْدَة ابْن الْجراح وَأَبا طَلْحَة الْأنْصَارِيّ وَأبي بن كَعْب شرابًا من فضيخ فَجَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ إِن الْخمر قد حرمت فَقَالَ أَبُو طَلْحَة قُم يَا أنس إِلَى هَذِه الجرار فاكسرها فَقُمْت إِلَى مهراس لنا فضربتها بأسفله حَتَّى كسرتها
وَجه الِاسْتِدْلَال أَن أَبَا طَلْحَة أقدم على قبُول خبر التَّحْرِيم حَيْثُ ثَبت بِهِ التَّحْرِيم لما كَانَ حَلَالا وَهُوَ يُمكنهُ أَن يسمع من رَسُول الله ﷺ شفاها