جمعوه في كتبهم من الأخبار وإنما فيه ما يفيد أنها معمول بها عندهم أو عند غيرهم لوضوح أعمية العمل من العلم وكذا أخذ ما فيها من الأصول المعتبرة وقد أشرنا إلى عدم كونها قطعية بجميع ما فيها عند أربابها أيضا فكيف بغيرهم ممن عاصرهم!؟ وكيف بمن تأخر عنهم!؟ فإن المرجعية والتعويل على شئ لا تقتضي إلا الحجية والاعتبار وغايتها إفادة الوثوق والاعتماد فأين ذلك من العلم؟ وقد أشرنا في وجوه المختار إلى التزامهم بذكر أسانيد الأخبار تفصيلا أو إجمالا مع التعليل بالتحرز عن خروج أخبارهم عن الإرسال فلو كانت علمية لم يفتقر إلى ذلك أصلا ولبطل التعليل المزبور.
وأيضا تراهم غير متفقين في الجمع لما جمعوه فالكليني ترك كثيرا مما نقله المتأخر عنه وكذا المتأخر عنه وزاد على ما جمعه السابق عليه حتى بالنسبة إلى الكليني والصدوق مع تقارب العصر والمنقول عن أحوالهم أنهم كانوا يتعبون في جمع الأخبار ونقدها وتصحيحها ومن هذا شأنه كيف يترك جملة من الأخبار العلمية التي وافقه غيره عليها ويأتي بغيرها!؟
وأيضا فالصدوق نرى اعتمد كثيرا على تصحيح وتضعيف شيخه ابن الوليد حتى قال: " إن كل ما صححه شيخي فهو عندي صحيح " وذكر بعد استضعافه لرواية محمد بن موسى الهمداني: " أن كل ما لم يصححه ذلك الشيخ ولم يحكم بصحته فهو عندنا متروك " (1) انتهى.
وأي مدخل لذلك في الأخبار العلمية؟ وكيف يستفاد من تصحيح الغير العلم بالصدور خصوصا!؟ ومن الظاهر بل المعلوم أن تصحيح شيخه وتضعيفه كان بالاجتهاد في الرجال كما وقع التعليل في بعض ذلك وقد نصوا في أحوال شيخه " أنه كان عارفا بالرجال " (2) وكيف يرد الأخبار العلمية بدعواه أخذها من الكتب المعول عليها بمجرد تضعيف شيخه؟.
पृष्ठ 61