مع أننا لا نسلم أنها رويت من عشرين طريقا، كما سيأتي توضيح ذلك، ولا نسلم شهادة بعضها لبعض؛ لأن ذلك لا يكون إلا فيما كان متحد المعنى متقارب الدلالة، وليس الحال كذلك في الأحاديث المذكورة، فإن فيها من الاختلاف في اللفظ ما يجعلها ذات معان مختلفة، فلا تصح شهادة بعضها لبعض.
وأما إلزامه للزيدية بهذا المذهب، بقوله: فإذا كان مذهب زيد بن علي تعين على من يدعي أنه زيدي المذهب أن يفعله في صلاته وإلا فليس بزيدي.
فإننا نقول: قد تقدم أنه ليس مذهب الإمام زيد فلا يتعين على أحد من الزيدية فعله، ثم أن نسبة الزيدية إلى الإمام الأعظم زيد بن على ليس على أساس اتباعه في مسألة فرعية، ولكن على أساس الانتماء إلى أصل الفكر، الذي من مبادئه: التوحيد والعدل، وما يلحق بهما من مسائل النبوة والوعد والوعيد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والولاء لأهل البيت.
ومما يثار في هذا الجانب أن جماعة من العلماء المحسوبين في الزيدية قد اختاروا الضم ورجحوه، كالحافظ محمد بن إبراهيم الوزير(1)، والعلامة الجلال(2) والعلامة السياغي(3)، والعلامة الحسن بن يحيى القاسمي(4).
والواقع أن من أختار العمل بالضم من المذكورين أو غيرهم، لم يختره على أساس أنه مذهب الزيدية؛ لعدم المستند في ذلك، ولكنهم اختاروه على أساس أنهم وجدوا ما يرجح شرعيته في نظرهم، ولكل اجتهاده، والزيدية كمذهب غير ملزمة باجتهاد بعض المنتمين إليها إذا كان مبنيا على غير قواعدهم، كما هو الحال في هذه المسألة.
पृष्ठ 10