وقوله: (فَإِنْ لَمْ يَقْدِرِ اسْتَدَلَّ) أي كما لو كان بليل مظلم، واستدلاله بالمطالع والمغارب.
وقوله: (فَإِنْ قَدَرَ بِمِشَقَّةٍ)؛ أي: قدر على المسامتة بمشقة كما لو كان يحتاج إلى صعود السطح وهو شيخ كبير أو مريض.
والتردد حكاه ابن شاس عن بعض المتأخرين.
ووجهه: إن نظرت إلى الحرج، وهو منفي عن الدين كما قال الله تعالى، أجزت الاجتهاد، وإذا نظرت إلى أنه قادر على اليقين لم يجز له الاجتهاد.
ومَنْ بِالْمَدِينَةِ يَسْتَدِلُّ بِمِحْرَابِه ﷺ، لأَنَّهُ قَطْعِيٌّ
قوله: (قَطْعِيٌّ)، يريد لأنه ثبت بالتواتر أن هذا محرابه الذي كان يصلي إليه، وإذا ثبت ذلك ثبت قطعًا أنه مسامتٌ؛ لأنه ﷺ إما أن يكون أقامه على اجتهاد على القول به أو بوحي، وأيًا ما كان فهو مؤد إلى القطع، أما الوحي فظاهر، وأما الاجتهاد فلأنه ﷺ لا يقر على خطأ، وقد روى ابن القاسم أن جبريل ﵇ أقام للنبي ﷺ قبلة مسجده.
والأَعْمَى الْعَاجِزُ يُقَلِّدُ مُسْلِمًا مُكَلَّفًا عَارِفًا، فَإِنْ كَانَ عَارِفًا قَلَّدَ فِي الأَدِلَّةِ واجْتَهَدَ
العاجز، أي؛ عن التوصل لليقين والاجتهاد.
وقوله: (مُسْلِمًا مُكَلَّفًا عَارِفًا) احترازٌ من الكافر والصبي والجاهل لعدم الوثوق بخبرهم، وينبغي أن يريد عدلًا؛ لأن الفاسق غير مقبول إجماعًا.
وقوله: (َإِنْ كَانَ عَارِفًا) أي: الأعمى عارفًا بالاجتهاد قلد في [٥١/ أ] أدلتها، كسؤاله عن كوكب كذا.
ابن عبد السلام: ولا يحتاج هنا أن يسأل مسلمًا مكلفًا. وفيه نظر.