97

وكم أفسد من أهل للرجل وولده؛ فإن المرأة إذا رأت زوجها عاشقا لغيرها_ربما قادها ذلك إلى اتخاذ معشوق لها؛ فيصير الرجل مترددا بين خراب بيته بالطلاق وبين أن يرضى بالدياثة والخنا في أهله(260).

يقول ابن حزم×: =وكم مصون الستر، مسبل القناع، مسدول الغطاء، قد كشف الحب ستره، وأباح حريمه، وأهمل حماه، فصار بعد الصيانة علما، وبعد السكون مثلا+(261).

فكل هذه الآفات، وأضعاف أضعافها تنشأ من عشق الصور، وتحمل على الكفر الصريح؛ فقد تضمن العشق أنواع الظلم كلها.

=أسباب العشق+:

وبعد أن تبين خطر العشق، وعظيم جنايته، وكثرة الأضرار الناجمة عنه، والمظالم الحاصلة من جرائه، وقبل الدخول في الحديث عن وجوب التوبة منه، وذكر الأسباب المعينة على ذلك_لا بد من الوقوف على الأسباب الحاملة على العشق، والمحركة له؛ ذلك أن العشق ينشأ، ويثور إذا وجدت محركاته ومهيجاته؛ فهناك أسباب تثير العشق، وتبعثه، بل وتسوق إليه سوقا، وتجر إليه جرا.

وفيما يلي ذكر لبعض تلك الأسباب:

أ_الإعراض عن الله_عز وجل_: ذلك أن في الله عوضا عن كل شيء، وأن من عرف الله_عز وجل_جمع قلبه عليه، ولم يلتفت إلى محبوب سواه.

ب_الجهل بأضرار العشق: وقد مر شيء من أضراره؛ فمن لم يعرفها أوشك أن يقع في ذلك الداء.

ج_الفراغ: فهو من أعظم الأسباب الحاملة على العشق.

قال ابن عقيل×: =وما كان العشق إلا لأرعن بطال، وقل أن يكون في مشغول ولو بصناعة، أو تجارة؛ فكيف بعلوم شرعية، أو حكمية؟ +(262).

وقال ابن عبدالبر×: =سئل بعض الحكماء عن العشق فقال: =شغل قلب فارغ+(263).

وقال أفلاطون: =العشق حركة النفس الفارغة+(264).

وقال أرسطو: =العشق جهل عارض، صادف قلبا خاليا لا شغل له من تجارة، ولا صناعة+(265).

وقال غيره: =هو سوء اختيار صادف نفسا فارغة+(266).

ومن الفراغ_أيضا_فراغ القلب من محبة الله_عز وجل_.

पृष्ठ 97