فاوحى الله إليه: يا يعقوب، تفرَّغت لشكواي (١)؟،
والحديث: "من شكا مصيبةً نزلت به فإنما يشكو ربَّه" (٢).
الضرب الثاني: أن يستعين أو يستريح من شدة الضرِّ، أو ألم السقم، أو الجراحة، أو الضيق، أو ذهاب المال إلى معصية الله تعالى، كالرجل يُحَمُّ، أو يضرب عليه بعض جسده، أو يغتمُّ بذهاب ماله، أو ولده، فمن شدة الضجر يُزنِّي خادمَه، أو امرأته، أو ولده، أو يشتُم ويمتهنُ والديه، أو يضرب بعضَ هؤلاء ظالمًا له.
يفعل ذلك من شدة الغمِّ، أو يتداوى بما لا يحل له؛ كالخمر، أو شحم الخنزير، أو لحمه، أو يظلم، أو يغصِب، أو يخونُ أمانتَه حين ذهبَ مالُه. يريد بذلك جبرَ مصيبته باختيان (٣) ما في يديه، أو يمسك عن الإنفاق على مَنْ يجب عليه؛ كالوالدين والولد والأهل، أو يحبس حقًّا، أو يدعو بالويل، أو يشق الجيب، أو يلطم وجهه.
وقد رُوي عن النبي ﷺ أنه نهى عن ذلك، ولعن من شق الجيوب، ولطم الخدود، وخمش الوجوه (٤).
_________
(١) أخرجه: ابن أبي الدنيا في كتاب الفرج بعد الشدة (رقم ٤٦) بإسناده عن أنس مرفوعًا، وفيه رجل لم يسم.
(٢) أخرجه: البيهقي في الشعب (٧/ ٢١٣) من حديث ابن مسعود مرفوعًا. وأورد نحوه الهيثمي في مجمع الزوائد (١٠/ ٢٥١) من حديث أنس مرفوعًا، وكلاهما: ضعيفٌ. انظر: الموضوعات لإبن الجوزي (٣/ ٣٦٦) وترتيب الموضوعات للذهبي (٣٦٦) والفوائد المجموعة للشوكاني (٢٣٧) وضعيف الترغيب والترهيب للألباني (رقم ١٨٨٧).
(٣) الإختيان: تحرك شهوة الإنسان لتحرك الخيانة، وهو أبلغ من الخيانة لتضمنه القصد والزيادة. تاج العروس (ح ون)، والكليات لأبي البقاء ١/ ٧٨.
(٤) جاء في الحديث المتفق عليه عن ابن مسعود أن النبي ﷺ قال: "ليس منا من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية". أخرجه البخاري (رقم ١٢٩٨) ومسلم (رقم ١٠٣).
1 / 53