مسألة
وأما البخل (١) فهو: ألا تسخو النفس بأداء الحقوق التي أوجبها الله تعالى عليه في ماله.
فرُوي عن ابن مسعود قال: البخل: أن تبخل بما في يديك، ألم تسمع ربي ﵎ يقول: ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [آل عمران: ١٨٠]. وقال: ﴿وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ﴾ [محمد: ٣٦]. إلى قوله: ﴿هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ﴾ [محمد: ٣٨] (٢).
وأخبرنا أبو بكر الخلال بإسناده عن أبي سعيد: قال رسول الله ﷺ: "خصلتان
_________
(١) قد يقال: ما علاقة (البخل) و(الشح) بالتوكل على الله تعالى؟
والجواب: أن البخل -وأشد منه الشح- من الأمراض النفسية الخطيرة التىِ تدفع الإنسان إلى الخوف من المستقبل، فتجد البخيل أو الشحيح كثير الفكر بما سيحدث في قادم الأيام، فيقع بسبب ذلك في المحظور الشرعي؛ من التقصير في أداء الحقوق التي أوجبها الله عليه في ماله -كما ذكر المؤلف - من زكاةٍ، ونفقةٍ على عيالِ، وإحسانِ إلى الخلق ...
فالبخيل أو الشحيح ضعيف التوكل على الله تعالى؛ لأن التوكل يوجب الجود والكرم والسخاء، ويبعد النفس عن كل ما يضاد ذلك، فالمتوكل معتمد على الله مفوض أمره إليه، لا يمنعه التفكير بما يكون في مستقبل الأيام، من أداء الواجبات والإحسان إلى الخلق، لتمام علمه أن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
(٢) انظر: الدر المنثور للسيوطي (٨/ ١٠٨).
1 / 47