سمعت أبا بكر عبد العزيز (١): سمعت أبا بكر أحمد بن محمد بن هارون الخلال (٢) يقول: سئل أحمد عن الزاهد يكون زاهدًا ومعه مائة دينار؟ قال: (نعم. على شَريطة إذا زادتْ لم يفرح، وإذا نقصتْ لم يحزن) (٣).
والدلالة على أن حقيقته قطع التشرف، وهو أعلى المقامات؛ ما روى ابن أبي الدنيا باسناده عن المغيرة بن شعبة أن النبي ﷺ قال: "من استرقى واكتوى فقد برئ من التوكل" (٤).
ومعناه: برئ من حقيقة التوكل الذي هو أعلى المقامات (٥).
فإن قيل: هذا يعارضه ما تقدم من حديث عمر: "لو أنكم توكلتم على الله حق
_________
= ذو الفتيا الواسعة، والتصانيف الواسعة النافعة. (ت ٣٨٧ هـ). له ترجمة في: طبقات الحنابلة (٢/ ١٥٣) تاريخ الإسلام للذهبي (٢٧/ ١٦٩).
(١) عبد العزيز بن جعفر بن أحمد، تلميذ الخلال وملازمه؛ حتى لقب بغلام الخلال، مفسر محدث ثقة، من كتبه: (مختصر السنة) و(المقنع) وغيرهما (ت ٣٦٣ هـ) ﵀.
ترجمته في: سير أعلام النبلاء (١٦/ ١٤٣)، والبداية والنهاية (١١/ ٢٧٨).
(٢) الخلال: من كبار علماء الحنابلة، من أهل بغداد، قال الذهبي: جامع علم أحمد ومرتبه، له كتب كثيرة؛ منها: (السنة - ط) و(الجامع لعلوم أحمد) قيل: لم يصنف في مذهب أحمد مثله. (ت ٣١١ هـ) ﵀. ترجمته في: تاريخ بغداد (٥/ ١١٢)، وطبقات الحنابلة (٢/ ١٢)، والسير للذهبي (١٤/ ٢٩٧).
(٣) ذكره: ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة (٢/ ١٤) من طريق أبي بكر الخلال.
(٤) أخرجه: ابن أبي الدنيا في كتابه التوكل (رقم ٤٣) من طريق مجاهد عن العقار بن المغيرة بن شعبة عن أبيه. وأخرجه: أحمد في مسنده (٤/ ٢٤٩)، والترمذي (رقم ٢٠٥٥)، وابن ماجة (رقم ٣٤٨٩)، وابن حبان في صحيحه (١٣/ ٤٥٢)، والحاكم (٤/ ٤٦١). من طريق العقار بن المغيرة به بنحوه. وصححه الترمذي، وابن حبان، والحاكم، ووافقه الذهبي في التلخيص، وصححه الألباني، كما في صحيح الجامع (رقم ٦٠٨٩).
(٥) هذا رأي المؤلف، ولعله أراد: برى من تحقيق كمال التوكل. والله أعلم.
1 / 39