ثلاثمائة عام لا يأكلون فيه أكلة ولا يشربون فيه شربة، ولا يلفح وجوههم روح ولا طيب نسيم، ولا يستريحون من تعب قيامهم ونصب وقوفهم، حتى بلغ الجهد منهم ما لا طاقة لهم به.
٧**- عن قتادة أو كعب، قال: ﴿يوم يقوم الناس لرب العالمين﴾ (١) قال: (يقومون مقدار ثلاثمائة عام) .
٨**- قال: سمعت الحسن يقول: (ما ظنك بأقوام قاموا لله ﷿ على أقدامهم مقدار خمسين ألف سنة لم يأكلوا فيها أكلة ولم يشربوا فيها شربةً، حتى إذا انقطعت أعناقهم من العطش، واحترقت أجوافهم من الجوع، انصرف بهم إلى النار، فسُقوا من عين آنية قد آن (٢) حرُّها واشتد نفحها (٣)، فلما بلغ المجهود منهم ما لا طاقة لهم به كلم بعضهم بعضًا في طلب من يكرم على مولاه أن يشفع لهم في الراحة من مقامهم وموقفهم لينصرفوا إلى الجنة أو إلى (٤) النار من وقوفهم، ففزعوا إلى آدم ونوح ومن بعده إبراهيم، وموسى وعيسى من بعد إبراهيم، كلهم يقول لهم: إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله، فكلهم يذكر شدة غضب ربه ﷿ وينادي بالشغل بنفسه فيقول: نفسي نفسي، فيشتغل بنفسه عن الشفاعة لهم إلى ربهم لاهتمامه بنفسه وخلاصها) . وكذلك
_________
(١) المطففين /٦.
(٢) الإنا بكسر الهمزة والقصر النُّضْج، ومنه ﴿غير ناظرين إناه﴾، وفي الطبري عن قتادة قوله ﴿تسقى من عين آنية﴾ يقول: قد أنى طبخها منذ خلق الله السموات والأرض. وفيه عن الحسن قال: أنى طبخها منذ يوم خلق الله الدنيا.
(٣) قال في النهاية: نفح الريح هبوبها، ونفح الطيب إذا فاح. قلت: فكيف بنفح نار وقودها النار والحجارة، نسأل الله الكريم لنا ولكم السلامة.
(٤) قال (أ): في الهامش. وأظنه عنى أنه أثبته من الهامش.
1 / 15