قال: فدعاهم العباس إلى الأمان، وضمن للحسين قضاء دينه والأمان لمن معه من أهل بيته، ولم يترك شيئا من حسن العرض إلا بذله، فأبى ذلك أشد الإباء.
قال مصعب: كان الرئيس سليمان بن أبي جعفر؛ لأنه كان على الموسم، فأمر موسى بن عيسى بالتعبئة فصار محمد بن سليمان في الميمنة وموسى في الميسرة، وسليمان بن أبي جعفر والعباس بن محمد في القلب.
فكان أول من بدأهم موسى، فحملوا عليه فاستطرد لهم شيئا حتى انحدروا في الوادي، وحمل عليهم محمد بن سليمان من خلفهم وطحنهم طحنة واحدة.
وقال النوفلي: إنهم لما صاروا بفخ قدم موسى بن عيسى بين يديه محمد بن سليمان، وقال له: قد عرفت فرارك وفرار أخيك من إبراهيم بن عبد الله، وإنما تداري هؤلاء القوم وتبقي عليهم لأنهم أخوالك، فألهبه بذلك القول، فأقبل محمد في خيله، ومن ضم إليه من الجند، فأرسل موسى إلى الحسين يخيره خصلة من خصال ثلاث: أن يعطيه الأمان ويضمن له على الخليفة القطائع والأموال، أو أن ينصرف إلى المدينة حتى ينقضي الحج، أو أن يهادن بعضهم بعضا فيدخل فيقف ناحية ويقفون ناحية، فإذا انقضى الحج تناظروا، فإما كانوا سلما أو حربا.
فأبى ذلك كله وتهيأ للحرب ونقض هو وأصحابه الإحرام ونشبت بينهم الحرب بفخ، فاقتتلوا قتالا شديدا أشد قتال أصحاب محمد بن سليمان وأصحابه وصبر المبيضة فلم ينهزم منهم أحد، حتى إذا أتي على أكثرهم جعل أصحاب محمد بن سليمان يصيحون بالحسين الأمان الأمان يبذلونه له، فيحمل عليهم ويقول: الأمان أريد، حتى قتل وقتل معه رجلان من أهل بيته، ورمي الحسن بن محمد بن عبد الله بن الحسن بنشابة فأصابت عينه، فجعل يقاتل أشد قتال والنشابة مرتزة في عينه، فصاح به محمد: يا ابن خال اتقي الله في نفسك فلك الأمان.
पृष्ठ 428