صبرا فناديت به سميعا .... أغر يروي سيفه نجيعا
يترك من بارزه صريعا
فاختلفا بينهما ضربتين فقتل الحربي الرجل وأخذ رأسه، ونادى البراز، فخرج إليه رجل من أهل الكوفة فضربه الحربي فقتله، ثم نادى البراز، فخرج إليه أبو السرايا وهو يقول:
أتاحك الدهر وأسباب الحين .... لليث غاب عطل من شبلين
لتفقدن العيش بعد الاثنين
فاختلفا بينهما ضربتان فضربه أبو السرايا فقتله، ثم نادى هل من مبارز؟ فبرز إليه رجل، وهو يقول:
إني لمن بارزني قرم خشن .... من غمرات الحرب مكلوم البدن
فضربه أبوالسرايا فقتله، فنادى ثالثة، فخرج إليه رجل، وهو يقول:
«من هاب من روع فلست هائبا» .... بثأر اثنين نهضت طالبا
أنج لك الويلات مني هاربا
فضربه أبو السرايا فقتله، وحملت عليه خيل هرثمة، وكثرت القتلى والأسرى منهم، ولقد رأيت أبا السرايا في ذلك اليوم وإن الدم لينصب من قبا حفناته.
وعن عبد الله بن محمد قال:لما خرج أبو السرايا من الكوفة خرج أشراف أهل الكوفة، ووجوهها إلى عسكر هرثمة فأعلموه بخروج أبي السرايا، وسألوهم أمانهم ولم يلبث أن لحق بأبي السرايا قوم من الأعراب، وقالوا: والله ما رأينا كاليوم قط أحسن بدءا، ولا أقبح منصرفا فما الذي أخرجك مما أنت فيه، فوالله ما أنت برعش الجنان، وإن هذا الحي من شيبان وسائر الأحياء من ربيعة لتقر لك بالفضل، فحمد الله أبو السرايا وأثنى عليه، ثم قال: أما والله يابن عمي مافعلت ذلك من جبن ولاخوف، ولكني بليت بثلاث لم يبل أحد بمثلهن: مكر هرثمة بن أعين، وقرب بغداد من الكوفة، ومخالفة الناس إياي، والله ماخرجت مما كنت فيه حتى أعياني الدواء، وحتى ساءت النيات، ونكلوا عن الحرب وأحبوا الراحة، وما أشك أن الله قد صنع فإن عادته حسنة وإيادته جميلة، ثم قال: أين تريدون؟
पृष्ठ 486