39

ताथीर लोटस

تأثير اللوتس: رواية عن جزيئات النانو في أبحاث الطب الحيوي

शैलियों

فأجابت بحسم: «لاحقا. علي أولا أن أعمل.»

الفصل الخامس عشر

الهدية

فكرت فاندا وهي تأخذ الحافلة رقم 7 التي ستحملها إلى المدينة أن «كايبيرينها تمام التاسعة» شفرة لا بأس بها، ولحسن طالعها فإن يوهانيس لم يعترض طريقها ثانية هذا اليوم؛ إذ كانت تريد أولا أن تتحدث مع زابينة في كل شيء. مشروب الكايبي متوافر في بعض بارات ماربورج، لكنهما تفضلان بار «هافانا»، حيث غالبا ما يمكن لهما العثور فيه على ركن هادئ. أما بار «ميكسيكالي» فكانتا تذهبان إليه إن كانت بهما رغبة في تجريب تأثير مشروبات جديدة، فتجلسان في المنتصف حيث تحصلان على أفضل إطلالة على المكان، بحيث لا يمكن لأحد ألا يلاحظ وجودهما. رن هاتفها الخلوي قبل أن تصل الحافلة إلى المحطة بقليل. اختبأت فاندا وراء ظهر أحد الركاب وراقبت السائق كيما تتأكد أنه لم يفطن للمسألة؛ إذ كانت لافتات الممنوعات معلقة على شريط أعلى الزجاج الأمامي: «التدخين ممنوع، الهاتف المحمول ممنوع». لم تكن سوى مجرد رسالة نصية قصيرة. «لا بد من تأجيل اللقاء إلى الغد. نفس المكان، نفس التوقيت. ز.»

ردت فاندا من فورها: «حسنا، ف.» لقد نال من فاندا التعب، لدرجة أنها استراحت لترك الموضوع عدة ساعات قبل استئنافه، فطوال اليوم يدخل مكتبها زملاء يستعلمون عما حدث؛ فخبر رحيل زابينة المفاجئ ألقى بشكوك حول الأسباب الحقيقية لتركها العمل. كان بعضهم غاضبا، لكن لم يكن من الصعب استشفاف أن معظمهم خائفون، ففي نهاية المطاف، معظم العاملين عقودهم مؤقتة، ومصير زابينة جعلهم يدركون كيف تتقلب الأقدار بسهولة، وكيف تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، وكيف أنهم جميعا يجلسون في نفس القارب.

لا تزال القمامة على حالها جراء الليلة السابقة أمام باب شقة الجيران. رنت فاندا الجرس، فلم يفتح الباب. وحين سحبت فاندا شريط الورق من عتبة بابها تساءلت سريعا إن كانت تركته في هذا الموضع، لكنها عادت فقالت ربما هي لم تدرك أين وقع حين فتحت الباب. وفي حالة تعبها الشديد تلك بدت لها فكرة أن أحدا دخل شقتها في غيابها مدعاة للضحك رغم قلقها.

نامت نوما عميقا في تلك الليلة. •••

وفي صبيحة اليوم التالي كان ذهنها صافيا كما لم يكن من قبل، ورغم ذلك كانت تحرك رأسها بالكاد، فعلى نحو ما بدت المشكلة وكأنها تدحرجت إلى غور أعمق، وكانت رقبتها متصلبة كلوح خشبي. نحت لحافها جانبا فشعرت بالبرودة على الفور. وجدت جهاز التدفئة في غرفة الجلوس مغلقا. تأففت فاندا من الرائحة المكتومة جراء عدم التهوية. أنا لا أتواجد هنا إلا نادرا، فكرت فاندا وقالت: «لن يدهشني لو أن أحدهم يعيش هنا حياته سرا طوال الصباح. إن هذا ليشبه فيلم «بين جيب» الفيلم الكوري الذي شاهدته في السينما مؤخرا. كان الفيلم يحكي عن شاب يقتحم المنازل والشقق الخاوية، ويظل فيها طوال فترة غياب أصحابها، وكان كل منزل جديد يسمح له بالتمتع بنمط حياة مختلف، ما دعاه إلى إظهار الامتنان نحو مضيفيه الغائبين بأن يغسل ملابسهم وصحونهم، وينظف منزلهم ويسلك بالوعاتهم المسدودة، ويصلح ألعابهم المعطوبة. لا يمكن أن يكون هذا الشاب قد حل ضيفا علي.» قالت لنفسها بعد أن تيقظت تماما بمجرد أن خبط ظهرها غطاء المرحاض ليسلبها استمتاعها بهذه اللحظات من اللافعل المطلق. دخلت إلى البانيو لتستحم وتركت الماء الساخن ينهمر على رقبتها المتصلبة. أعانها ذلك على تحسين حالتها، رغم أن رشاش الماء قد سدت بعض فتحاته بفعل تراكم الجير.

بعد نصف الساعة كانت في المركز وفتحت مكتبها. وجدت اللمبة الحمراء ترتعش على هاتفها إشارة لوجود مكالمة سجلت على جهاز الرد الآلي. أما مقدمة الدوارة التي على مكتبها فكانت تشير تجاه الباب. تجولت عيناها تلقاء تقويم المكتب، كان يشير إلى الأربعاء التاسع من نوفمبر. في درج المراسلات كانت طلبية الأجسام المضادة لا تزال على حالها. كانت قد نسيت أن تمررها لقسم المشتريات. فتحت فاندا درجا في المكتبة المثبتة على الحائط، وبحثت عن شيء أسفل عبوة المناديل الورقية. أخرجت قرصا صغيرا من الكرتون ووضعته بحذر على المكتب ، إلى جوار الطاولة الصغيرة المصنوعة من زجاج البليكسي التي تستقر فوقها دوارة الخشب الطبيعي. كانت قد صنعت هذا القرص الكرتوني مؤخرا حين وضعت علبة بتري (وعاء مسطح دائري الشكل وشفاف، يصنع من الزجاج أو من اللدائن، ويستعمله علماء الأحياء لزراعة الخلايا) على ورق مقوى رمادي اللون، ثم رسمت دائرة حولها بالقلم الرصاص حتى تظل مستوية ومتناسقة، وباستخدام المسطرة رسمت خطا في وسط الدائرة لتقسم المساحة إلى جزأين، ثم إلى أربعة، ثم إلى ثمانية أجزاء مثل الكعكة، لكن دون أن تقصها بالمقص، فقط بالقلم لتكون الدائرة مقسمة فقط بخطوط القلم. كانت هذه هي اللوحة التي قامت بترقيمها وحركت عليها الدوارة مثل المؤشر. كان بالدرج نردان تستخدمهما لتحديد مكان الدوارة كل مساء قبل أن تغادر إلى منزلها، وفي اليوم التالي كانت تستطيع أن تختبر إن كان شيء تغير. دفعت فاندا بمنتهى الحذر القرص الكرتوني أسفل القاعدة المصنوعة من زجاج البليكسي. أدارت لوحة الأرقام ووضعت الخط الذي يحمل الرقم صفرا على حرف المكتب الذي يساعدها عند وضع العلامة الجديدة وقت تغيير وضعية الدوارة مساء، ثم الرجوع إليها في اليوم التالي؛ وبهذا كانت ترقد الدوارة كل يوم في زاوية مختلفة لا يعلمها سواها، وهي فقط التي تستطيع مراجعة وضعها بواسطة هذا القرص المصنوع من الورق المقوى. انحنت فاندا فوق الدوارة. من خلال زجاج البليكسي تمكنت من تحديد العلامات على قرص الكرتون. المصادفة اختارت لها بالأمس الموضع رقم 4، إلا أن قمة الدوارة تشير إلى الرقم 7.

طرق طارق على الباب، ثم ضغطت أكرة الباب إلى الأسفل، وأطلت السيدة بونتي من فرجة الباب. «ها أنت هنا، الرئيس يريد التحدث إليك.»

अज्ञात पृष्ठ