ताथीर लोटस
تأثير اللوتس: رواية عن جزيئات النانو في أبحاث الطب الحيوي
शैलियों
استيقظا مع أول قرعة جرس من أجراس الكنيسة في الساعة السابعة. كان لا يزال الظلام سائدا، إلا أن فاندا ظلت تلح كثيرا على أنها ستتجمد من البرد إلى أن استسلم أندرياس لرغبتها في مغادرة المكان. عادا من نفس الطريق الذي جاءا منه. من بين أقواس الحماية الحديدية في الحصن الأثري أطل قمر آخذ في الزوال. أحيانا كانت قطع السحاب تحجب ضوءه الكثيف. كانت السحب قد انقشعت في الليلة الماضية وانخفضت الحرارة بدرجة ملحوظة. لم يعودا إلى باحة القصر وإنما أسرعا في الهبوط على السلالم المؤدية إلى رنتهوف. لم يتلفتا حولهما، بل ظلا يركضان بما سمحت به لهما سيقانهما المرتعدة من سرعة. هذه المرة لم يتحرك شيء وراءهما.
أصر أندرياس على أن يوصلها إلى بيتها. لم يكن بالطريق سوى بضع سيارات قليلة، فقط أمام المخبز النشاط المعتاد أيام السبت متأخرا عن موعده في باقي الأسبوع. افترقا أمام باب منزلها. كانت الشقة باردة، فبدأت أسنان فاندا تصطك وهي تخلع ملابسها، والماء يخر في حوض الاستحمام. وخزها بإبره الدافئة فتحلل تصلب مفاصلها، لكنها لاحظت أنه لن يتمكن من طرد البرد الذي استقر في عظامها.
الفصل الثامن والثلاثون
ذخيرة ذاتية التحلل
حررها رنين من حلمها؛ إذ كانت فاندا واقفة منذ لحظات في القبو المظلم بمنزل والديها ترتعد ذعرا، في حين يلاحقها شخص لا تعرفه، ثم يترصدها خلف الباب في زاوية قصية. كان نفس الحلم الذي يطاردها. وقد كانت سعيدة بالتحول المفاجئ إلى الحقيقة، لكنها تلمست طريقها وكأنها آلية يتحكم بها عن بعد، وهي تمضي في اتجاه الصوت. كان هاتفها يدق على الخزانة الصغيرة بالمدخل. كان لا يزال متصلا بمقبس الكهرباء.
لم يلتقط سوى اتصال من شرطة ماربورج. كان المتصل يسأل عن السيدة الدكتورة فالس. تنحنحت فأدركت كم كان حلقها محتقنا. «هذه أنا.» خرج صوتها ناعقا، وبدت في حلقها نار ملتهبة، أنفها مسدود وفي جمجمتها طنين. لقد تم تعيينك شاهدة من قبل من يدعى أندرياس هيلبيرج الذي قام صباح اليوم بتقديم بلاغ ضد مجهول. تم تحديد موعد للمعاينة عند القصر في تمام الواحدة ظهرا؛ أي بالضبط بعد ساعة من الآن. سيكون من الجيد لو استطعت الحضور. قال إن مكان اللقاء هو محطة الحافلات الكائنة بعد المنحنى جنوب جينوزينفيج.
حين وصلت فاندا كان بانتظارها بالفعل شرطيان، رجل وامرأة. كانت الشرطية تدون ملاحظاتها. انحنى زميلها متفحصا الزجاج على الأرض أسفل عمود الإنارة الذي انكسر مصباحه من الرصاص. كان يحمل في يده عصا معدنية في نهايتها قرص من المعدن كذلك. كان أندرياس في تلك اللحظة قادما من طريق جانبي. لا بد أن هذا هو الطريق الذي هربا منه في الليلة السابقة. حيا الشرطي فاندا باقتضاب وفتور. قال إنه يدعى ترامبيرت وإن زميلته تدعى فازا، لكنه كان يخاطبها باسمها الأول ليديا. كانت شابة شقراء يظهر عليها بوضوح بالغ علامات حداثة السن، وشقرة الشعر فلكأنها خبز مقرمش سويدي. «لن نجد آثارا أخرى على الأرض، فقد قامت الأمطار بإزاحتها كلها.» كانت نبرته تشي بأمر بالذهاب بأكثر مما تحمل نبرة تصريح موضوعي. «لو استطعتما أن تخبرونا من أي اتجاه جاءت الطلقات لتوفرت لدينا فرصة العثور على مقذوفات.» وقف أندرياس في ذات المكان الذي كان واقفا فيه بالأمس حين بدأ إطلاق النار. تلفت حوله باحثا. لقد كان الظلام دامسا؛ لذا فالطلقات من الجائز أنها صوبت تجاههما إما من مخبأ أو من نافذة مظلمة. أدركت فاندا في التو واللحظة أن المكان مكشوف للغاية. هل أخطأ ذلك المهاجم المشئوم التصويب حقا؟ لقد كانا يقفان ها هنا مثل حلوى المارزبان على طاولة عرض محل الحلويات. أصابتها الفكرة بقشعريرة سرت في بدنها. إن أي طفل كان بوسعه إصابتهما بسهولة. لا بد أن الرامي كان من أسوأ ما يكون. هل كان ثملا، ربما؟ أشار أندرياس إشارة مترددة في اتجاه غير محدد. «متى إذن سقطت الرصاصة الثانية؟» أراد الشرطي أن يعرف. لم تتمكن فاندا أن تحدد بدقة وأخذت تنظر إلى الطريق المسفلت الذي هربا منه.
سألت الشرطية: «هل كان أزيز الرصاصة مزدوجا؟ هذا يمكن أن يخبرنا بشيء عن المسافة التي كان يطلق منها الرامي رصاصه.» نظرت فاندا إلى أندرياس بحثا عن المساعدة، لكنه هز كتفيه وبدأ الحديث عن طلقة ثالثة ورابعة وخامسة، وكأنهما كانا يقفان في مرمى خط النار. فاندا عايشت الموقف بصورة مختلفة، لكنها لاحظت أن ترامبيرت هز رأسه برفق في إشارة إلى زميلته مما دفعها للإحجام عن قول ما تريد خوفا من أن تزيد من حنقه. لم يكن الشرطي يصدقهما، وفي النهاية سيحملهما مسئولية مصباح الإنارة المنكسر.
توجهت نحو الجرف الأيمن دون مزيد من اللغط وقالت: «لا بد أن الطلقة صوبت من مكان ما هنا.» توجه ترامبيرت ناحيتها وحرك عصا الكشف المعدنية على المكان الذي أشارت إليه، لكنه لم يجد شيئا.
قالت فاندا بعد فترة من البحث غير المجدي: «ربما يكون لنا حظ أوفر إذا ما صعدنا القصر. من الجائز أن الطلقة الأخيرة اصطدمت بسور البوابة عند الجناح الشمالي. المكان هناك مكشوف أكثر من هنا.»
अज्ञात पृष्ठ