राष्ट्रों के विकास के मानसिक नियम
السنن النفسية لتطور الأمم
शैलियों
والعروق الابتدائية هي التي لا تجد فيها أي أثر للثقافة، وهي التي ظلت في الدور القريب من الحيوانية والذي جاوزه أهل عصر الحجر المنحوت من أجدادنا، ومن العروق الابتدائية في الوقت الحاضر نذكر الفيوجيين والأستراليين.
وترى فوق العروق الابتدائية العروق الدنيا التي يعد الزنوج عنوانا لها على الخصوص، وفي هذه العروق تجد بصيص حضارة، وبصيص حضارة فقط، وهذه العروق لم تجاوز قط وجوه الحضارة الغليظة، وإن ورثت حضارات راقية بفعل المصادفة، كما اتفق لأهل سان دومنغ.
ونذكر من العروق الوسطى الصينيين واليابانيين والمغول والأمم السامية، فالعرب والآشوريون والمغول والصينيون واليابانيون أبدعوا نماذج حضارات راقية لم يجاوزها غير الأوربيين.
ويجب أن تذكر الأمم الهندية الأوربية بين العروق العليا على الخصوص، وهذه الأمم هي التي أثبتت قدرتها على الاختراعات العظيمة في الفنون والعلوم والصناعة؛ سواء أفي عصر اليونان والرومان القديم، أم في الأزمنة الحديثة، ولهذه العروق ترى الحضارة مدينة بما انتهت إليه اليوم من المستوى العالي، ومن أيدي هذه العروق خرج البخار والكهرباء، وأقل هذه العروق ارتقاء، كالهندوس على الخصوص، قد بلغ في الفنون والآداب والفلسفة درجة لم يصل إليها المغول والصينيون والساميون قط.
وليس من الممكن خلط ما بين الأقسام الأربعة المذكورة؛ فالهوة النفسية التي تفصل بعضها عن بعض تظل واضحة، والصعوبة كل الصعوبة في تقسيم تلك الأقسام إلى أقسام أخرى ثانوية. أجل، إن الإنكليزي والإسپاني والروسي من الأمم العليا، وترى الفروق بين هؤلاء عظيمة جدا مع ذلك.
ويجب لتعيين تلك الفروق أن يؤخذ كل شعب على حدة، وأن توصف أخلاقه، وهذا ما سنفعله بعد قليل في أمر شعبين فنطبق عليهما منهاجنا مثبتين أهمية نتائجه.
والآن لا نستطيع أن نفعل غير الإشارة باختصار إلى طبيعة العناصر الرئيسة النفسية التي نتمكن بها من التفريق بين العروق.
ولا احتياج إلى الذهاب إلى الهمج الخلص لنجد العروق الابتدائية والدنيا ما دامت الطبقات الأوربية السفلى تعدل الفطريين، والذي يشاهد لدى تلك العروق على الدوام هو عجزها عن التعقل؛ أي عجزها عن أن تضم في دماغها الأفكار التي أسفرت عنها الأحاسيس الماضية - أو الألفاظ التي تدل على هذه الأفكار - إلى الأفكار التي هي وليدة الأحاسيس الحاضرة؛ وذلك للمقابلة بين الأفكارين، ولتبين ما بينهما من تشابه واختلاف، وعن هذا العجز عن التعقل تنشأ سرعة تصديق عظيمة وفقدان تام لروح النقد، وفي الإنسان الراقي تجد العكس، وفي الإنسان الراقي تجد قدرة عظيمة على ضم بعض الأفكار إلى بعض، وعلى استخراج النتائج منها، وفي الإنسان الراقي تجد ملكة النقد وروح الدقة ناميتين إلى الغاية.
وكذلك تتصف العروق الابتدائية والدنيا بضعف الانتباه وضعف التأمل إلى أقصى حد، وبنمو ملكة التقليد وبعادة استخراج النتائج العامة الفاسدة من الأحوال الخاصة، وبالعجز عن ملاحظة ما يؤدي إليه الترصد من النتائج المفيدة، وبالعجز عن استنباط هذه النتائج، وبتقلب كبير في الأخلاق، وبغفلة عظيمة، ووحي الساعة الحاضرة هو دليل هذه العروق، وهي - كعيسو (العيص) الذي هو مثال الرجل الابتدائي - تبيع مختارة حقها في البكرية القادمة في مقابل صحن حاضر من العدس، وإذا ما عارض الإنسان عاجله بآجله وكان ذا هدف فسار وراءه بثبات، فإنه يكون قد بلغ شأوا بعيدا من الرقي.
ومن شأن العجز عن البصر بالنتائج البعيدة للأعمال، ومن شأن العطل من كل دليل إلا دليل الساعة الحاضرة، أن يكون الفرد، والعرق أيضا، محكوما عليهما بالبقاء في طور منخفض جدا، والأمم، كلما عرفت أن تضبط غرائزها؛ أي كلما اكتسبت عزما، أي كلما استطاعت أن تسيطر على نفسها، تكون قد أدركت أهمية النظام وضرورة التضحية بالنفس في سبيل مثل عال والارتقاء إلى الحضارة، ولو وجب تقدير مستوى الأمم الاجتماعي في التاريخ بمقياس وحيد لكانت درجة قابلية تلك الأمم للسيطرة على اندفاعاتها اللاتنبهية هي ذلك القياس كما أرى، والرومان في القرون القديمة، والإنكليز والأمريكيون في الزمن الحديث، هم عنوان الأمم التي اتفقت لها تلك الصفة الى أبعد حد؛ وفي هذه الصفة تجد سر عظمة هذه الأمم.
अज्ञात पृष्ठ