بذنبه، ومن له أدنى نظر تبين له فساد كلامه وتناقضه في أكثر المواضع من تسو يده هذا. والله الهادي إلى سواء السبيل.
وذكر المعترض أني استدللت بقول الله سبحانه: ﴿أفأنت تنقذ من في النار﴾ ولا أذكر ذلك ولا وجدته في المسودة عندي، ولا شك أن معنى الآية أن من كتبه الله شقيا لا تنقذه مما هو قيه من الضلالة لأن من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له،
هذا مع أني أقول الاستدلال بعموم الآية على ما نحن فيه سائغ ومازال العلماء يستدلون بآيات نزلت في أمور خاصة على ما يتناوله اللفظ بعمومه، والعبرة عند العلماء بعموم اللفظ لا بخصوص السبب لا سيما والمستدل بهذه الآية عليه ثابت حكمه بنصوص آيات وأحاديث كقوله سبحانه: "مالك يوم الدين﴾ "يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله﴾ وكقوله ﷺ لسيدة نساء الأمة ولقرابته: "أنقذوا أنفسكم من النار فإني لا أملك لكم من الله شيئا". وقوله للمهاجرين والأنصار: "لا أملك لكم من الله شيئا" ١ ومعنى لا أملك لكم من الله شيئا: لا أملك لكم ضرا ولا نفعا كما في رواية الترمذي للحديث.
قال البغدادي: وهذا الرجل ينكر نسبة الإنقاذ من النار بالفعل إلى رسول الله ﷺ ويذكر الأحاديث التي فيها نسبة الإنقاذ من النار إلى قريش ولا يدري أنها رادة عليه مدعاه الذي يدعيه، إذ يقال كيف نفى الله الإنقاذ عن نبيه ويثبته لأقاربه من قريش بقوله: "أنقذوا أنفسكم من النار"؟ فإنه نسب الإنقاذ من النار لهم. فإن قلت أراد أنكم تتسببون في إنقاذ أنفسكم بالإسلام. قلنا وكذلك إطلاق كلامنا ككلامه فإن مرادنا بقولنا: ومنقذي من عذاب الله والألم أي متسببا في إنقاذي أو منقذي بفعله. انتهى.
فانظر إلى هذا الكلام الباطل والقياس الفاسد، يقول كيف ينفي
_________
١ تقدم تخريجه ص ٥٦.
1 / 67