هو الظاهر وهو صريح رواية "فعلمت ما في السماء والأرض" ورواية "فعلمت ما بين المشرق والمغرب" وما موصولة، أي فعلمت الذي بين المشرق والمغرب، أي الموجود بينهما ١، يوضح ذلك لو ٢ قلت: دخلت دار فلان فعلمت ما فيها، إنما يتناول علمك الموجود فيها من الأشياء حين دخولك، لا ما يوجد فيها بعد ذلك والله أعلم، ولما ذكر ابن كثير قول بعض المفسرين على قوله ﷾: ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [الأنعام:٧٥] . أنه فرجت له السموات فنظر إلى ما فيهن حتى انتهى بصره إلى العرش، وفرجت له الأرضون السبع فنظر إلى ما فيهن، قال ٣: فيحتمل هذا أنه كشف له بصره حتى رأى ذلك عيانا، ويحتمل أن يكون عن بصيرته حتى شاهده بفؤاده وتحققه وعرفه وعلم ما في ذلك من الحكم الباهرة والدلالات القاطعة، كما روي الإمام أحمد والترمذي وصححه عن معاذ بن جبل ﵁ في حديث المنام: "أتاني ربي في أحسن صورة فقال يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى -فذكر الحديث- ثم تلا وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين " ٤. انتهى.
وذكر المعترض حديث حذيفة أنه قال: "إن النبي ﷺ أخبرنا عن كل ما يقع إلى يوم القيامة حتى دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار حتى إنا لنرى الطائر يقلب جناحيه فنذكر منه علما ". هكذا أورده البغدادي، جعل ذلك كله من قول حذيفة، وحرف اللفظ والمعنى، فأول هذه الجملة من كلام حذيفة، وآخرها من قول أبي ذر، لكنه غير الكلام فأفسد اللفظ والمعنى. فنميز قول حذيفة من قول أبي ذر ﵄ ليتبين للناظر
_________
١ في "ب" "والذي في السماء والأرض".
٢ في "ب" "إنك لو قلت".
٣ ابن كثير رحمه الله تعالى.
٤ تقدم تخريجه ص ٣٩.
1 / 40