المحفوظ كل شيء ثم خلق السموات والأرض" ١.
فهذا الحديث شاهد للمفسرين في تفسيرهم الكتاب في الآيات باللوح المحفوظ، وأن كل شيء مكتوب فيه وأنه أم الكتاب. والمراد بيان كذب هذا وبيان تناقضه وهو لا يشعر بذلك بل هو خابط خبط عشواء، وثبت في صحيح البخاري عن ابن عمر ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ: "مفاتح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله لا يعلم أحد ما تغيض الأرحام إلا الله، ولا يعلم ما في غد إلا الله، ولا يعلم متى ياتي المطر أحد إلا الله، ولا تدري نفس بأي أرض تموت، ولا يعلم ٢ متى تقوم الساعة أحد إلا الله" ٣. وتقدم حديث أبي هريرة، وقول النبي ﷺ: "في خمس لا يعلمهن إلا الله" ٤.
أفيظن مسلم أن أصحاب رسول الله ﷺ يحدثون الأمة بهذه الأحاديث المصرحة بتفرد الله سبحانه بعلم هذه الأمور المذكورة في هذه الأحاديث، وأن عندهم ما يخالف ذلك فيكتمونه فيحصل التلبيس على الناس في هذا الباب، فيلزم من ذلك اعتقاد الباطل حقا والحق باطلا، والصواب خطأ والخطأ صوابا، صانهم الله عن ذلك.
أم يظن مسلم أنه خفي على أصحاب رسول الله ﷺ والتابعين ما ادعاه هؤلاء الضلال وعلموه هم، هذا من أبطل الباطل، ويزيد ذلك وضوحا ما ثبت في الصحيحين عن عائشة ﵂ قالت: ﴿من زعم أن محمدا يخبر بما في غد فقد أعظم الفرية على الله، ثم قرأت: "وما تدري نفس ماذا تكسب
_________
١ أخرجه البخاري، كتاب التوحيد، باب وكان عرشه على الماء وهو رب العرش العظيم، حديث رقم ٧٤١٨ وفيه "كان الله ولم يكن شيء قبله وكان عرشه على الماء ثم خلق السموات والأرض وكتب في الذكر كل شيء "هذا نص البخاري، وأما لفظ المؤلف فقد أخرجه الإمام أحمد في المسند "٤ / ٥٧٨".
٢ في "أ"يدري "وفي "ب " "لا يعلم أحد متى".
٣ تقدم تخريجه ص ٣١.
٤ تقدم تخريجه ص ٣٤.
1 / 38