وعللها لأن قوله داء نكرة في سياق النفي فتعم جميع ما احتوت عليه القلوب، وهذا مما اختص به الرب سبحانه قال تعالى: ﴿يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾ [طه:٧] وقال: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ﴾ [البقرة: ٢٣٥] . وقال: ﴿وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾ [التغابن: ٤] . والآيات في هذا كثيرة معلومة وقد قال ﷾ في آخر ما نزل من القرآن: ﴿وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنْ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ﴾ [التوبة:١٠١] .
وقال: ﴿وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ﴾ [الأنفال:٦٠] .
وقال النبي ﷺ: " إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع ". ١
قال القاضي عياض في الشفا على هذا الحديث: وتجرى أحكامه ﵇ على الظاهر، ولو شاء الله لأطلعه على سرائر عباده ومخبآت ضمائر أمته -إلى أن قال-: وكل ذلك من علم الغيب الذي استأثر به عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول فيعلمه منه ما شاء ويستأثر بما شاء، ولا يقدح هذا في نبوته، ولا يفصم عروة من عصمته ٢، وخفي عليه ﷺ حال أهل الإفك حتى جاءه الخبر من الله، ويخفى عليه ﷺ أمور كثيرة يطول عدها، حتى يأتيه الوحي بخبرها.
وقال ﷺ: " إنه سيجاء برجال من أمتي يوم القيامة فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول أمتي. فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك " ٣
_________
١ أخرجه البخاري، كتاب الشهادات، باب: من أقام البينة بعد اليمين حديث رقم ٢٦٨٠، ومسلم، كتاب الأقضية، الحكم بالظاهر واللحن والحجة حديث رقم ٤٤٤٨.
٢ سقطت "ولا يفصم عروة من عصمته " من "ب ".
٣ أخرجه البخاري، كتاب تفسير القرآن، سورة الأنبياء، باب "كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا " حديث رقم ٤٧٤٠.
1 / 30