107

तासिस तकदीस

تأسيس التقديس في كشف تلبيس داود بن جرجيس

अन्वेषक

عبد السلام بن برجس العبد الكريم

प्रकाशक

مؤسسة الرسالة

संस्करण संख्या

الطبعة الأولى ١٤٢٢هـ

प्रकाशन वर्ष

٢٠٠١م

حال كلامه مع أبي جعفر، فما ذكره عن مالك يكذب دعواه الاتفاق. ويأتي في عبارة لهذا وصف فيها النبي ﷺ بالموت الآن، فهو متناقض.
وعبارته التي أشرنا إليها قوله في الكلام على حديث: "يا عباد الله احبسوا" ١ فقال: ولكون النبي ﷺ حاضرا مع موته شرع لنا خطابه والسلام عليه في الصلاة، وهو قولنا: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.
فقوله: حاضرا مع موته، وصف له بالموت الآن. هذا مع أنه لا يمكنه أن يأتي بحرف واحد عن الأئمة الذين يعتد بوفاقهم وخلافهم كالأئمة الأربعة وأمثالهم على حياته ﷺ في قبره الحياة التي يشير إليها.
قال ابن القيم: لم يرد حديث صحيح أنه ﷺ حي في قبره، لكن نقطع أن الأنبياء لاسيما خاتمهم وأفضلهم محمد صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين أعلى رتبة من الشهداء، وقد قال سبحانه عن الشهداء أنهم أحياء عند ربهم يرزقون، فالأنبياء أولى بذلك قال تعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ [آل عمران:١٦٩] . ومع ذلك فالشهداء داخلون تحت قوله: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ﴾ [العنكبوت:٥٧] . ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾ [الزمر:٣٠] . فأثبت سبحانه للشهداء موتا بدخولهم في العموم كالأنبياء وهو الموت المشاهد، ونفى عنهم موتا، فالموت المثبت غير الموت المنفي٢، فالموت المثبت هو فراق الروح الجسد وهو مشاهد محسوس، والمنفي زوال الحياة بالجملة عن الروح والبدن. انتهى.
وقال البيضاوي على قوله سبحانه: ﴿بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ [البقرة:١٥٤] . فيه تنبيه على أن حياتهم ليست في الجسد، ولا من جنس ما يحس به من الحيوانات، وإنما هي أمر لا يدرك بالعقل بل بالوحي. انتهى.
ومن العجب أنه لو جاء إنسان إلى ميت على وجه الأرض شهيدا أو

١ انظر تخريجه ص ١٣٤.
٢ سقطت "فالموت المثبت غير الموت المنفي" من "ب".

1 / 118