नैतिकता के दर्शन की स्थापना
تأسيس ميتافيزيقا الأخلاق
शैलियों
ثانيا:
أما فيما يتعلق بالواجب الضروري أو بالواجب في حق الآخرين، فإن الذي ينوي أو يبذل وعدا كاذبا للغير سيدرك على الفور أنه يريد أن يستخدم إنسانا آخر كوسيلة فحسب، بغير أن يحتوي هذا الإنسان الأخير في نفس الوقت على الغاية في ذاته؛ ذلك أنه من المستحيل على من أريد أن أستخدمه بمثل هذا الوعد الكاذب وسيلة لتحقيق أهدافي أن يوافقني على الطريقة التي أعامله بها ولا يمكنه تبعا لذلك أن يحتوي في ذاته على الغاية من هذا الفعل. وتزداد هذه المجافاة لمبدأ الإنسانية وضوحا أمام العين إذا أضفنا إلى ذلك أمثلة من الاعتداء على حرية الآخرين وممتلكاتهم؛ إذ يتجلى عندئذ أن الذي يدوس على حقوق الناس إنما يقصد إلى استخدام أشخاصهم كما لو كانت مجرد وسيلة فحسب، دون أن يضع في حسابه أنهم، بصفتهم كائنات عاقلة، ينبغي أن يعدوا دائما في نفس الوقت غايات؛ أي كائنات لا بد أن يكون في مقدورها أن تحتوي في ذاتها على الهدف من هذا الفعل نفسه.
38 ⋆
ثالثا:
بالنظر إلى الواجب العرضي (الاستحقاق) تجاه الذات، لا يكفي ألا يتناقض الفعل مع الإنسانية في أشخاصنا بوصفها هدفا في ذاته، بل ينبغي كذلك أن يكون الفعل على «اتفاق» معها. ولكن الإنسانية تنطوي على استعدادات تهيئ لبلوغ درجة أعظم من الكمال، وتكون جزءا من الغاية التي تقصد إليها الطبيعة بالنسبة للإنسانية ممثلة في ذواتنا، وإهمال هذه المواهب الاستعدادات قد لا يتعارض مع المحافظة على الإنسانية بوصفها غاية في ذاتها، ولكنه يتعارض مع العمل على «تحقيق» هذه الغاية.
رابعا:
أما فيما يتعلق بواجب الاستحقاق نحو الآخرين، فإن الغاية الطبيعية التي يقصد جميع الناس إلى تحقيقها هي بلوغ سعادتها. حقا إن الإنسانية يمكن أن تظل باقية، إذا لم يسهم أحد في إسعاد غيره، ولم يتعمد في نفس الوقت أن يسلب منه شيئا، غير أن هذا لن يزيد على أن يكون اتفاقا سلبيا لا إيجابيا مع الإنسانية بوصفها «غاية في ذاتها»، إذا لم يحاول أحد، بقدر ما في طاقته، أن يعمل على إسعاد غيره؛ ذلك لأنه لما كانت الذات غاية في نفسها، فلا بد أن تكون غاياتها، إن كان لذلك التصور أن يحدث عندي أثره كله، هي في نفس الوقت بقدر المستطاع «غاياتي».
هذا المبدأ الذي تعد بمقتضاه الإنسانية وكل طبيعة عاقلة أخرى بوجه عام غاية في ذاتها (وهو الشرط الأعلى الذي يحد من حرية أفعال كل إنسان) لا يستفاد من التجربة: أولا بسبب عمومه؛ فهو ينطبق على جميع الكائنات العاقلة؛ حيث لا تكفي أية تجربة لتحديد شيء في هذا الصدد ، وثانيا لأن الإنسانية في هذا المبدأ لا تتصور على أنها غاية للناس (ذاتية)، أي كموضوع يجعل منه الإنسان من تلقاء نفسه هدفا في الواقع، بل تتصور كغاية موضوعية ينبغي لها، مهما تكن الغايات التي نود تحقيقها، من حيث إن لها صبغة القانون، أن تكون الشرط الذي يحد من جميع الغايات الذاتية، وثالثا لأن هذا المبدأ إنما يصدر تبعا لذلك صدورا ضروريا عن العقل الخالص.
ذلك أن مبدأ كل تشريع عملي إنما يقوم «بطريقة موضوعية» على «قاعدة» الشمول أو العموم وشكلها، التي تجعله بحسب المبدأ الأول قادرا على أن يصبح قانونا (يمكن أن نسميه كذلك قانونا طبيعيا)، بينما يقوم من الناحية الذاتية على «الغاية»، ولكن الذات التي تحمل جميع الغايات هي كل كائن عاقل، بوصفه غاية في ذاتها (وذلك بحسب المبدأ الثاني)، ينتج عن هذا المبدأ العملي الثالث للإرادة بوصفه الشرط الأعلى لموافقته للعقل العملي العام؛ أعني فكرة الإرادة عند كل كائن عاقل كإرادة تضع تشريعا عاما.
39
अज्ञात पृष्ठ