नैतिकता के दर्शन की स्थापना
تأسيس ميتافيزيقا الأخلاق
शैलियों
التي تأمرني باتباع مثل هذا القانون، حتى لو أدى ذلك إلى التخلي عن جميع النزعات والميول التي أحملها في نفسي.
وهكذا فإن القيمة الأخلاقية للفعل لا تكمن في الأثر الذي ينتظر من ورائه، ولا في أي مبدأ من مبادئ الفعل يحتاج إلى استعارة الباعث عليه من هذا الأثر المنتظر؛ ذلك لأن جميع هذه الآثار المترتبة على الفعل (مثل رضا الإنسان على حاله، بل والعمل على إسعاد الغير) يمكن أيضا أن تنتج عن أسباب أخرى؛ بحيث لا يكون هناك حاجة إلى إرادة كائن حي عاقل، فيها وحدها انجد الخير الأسمى والخير المطلق. من أجل ذلك كان تمثل القانون في ذاته، وهو ما يتم بالطبع عند الكائن العاقل وحده، وجعل هذا التمثل، لا الأثر المتوقع، هو المبدأ المحدد للإرادة؛ أقول من أجل ذلك كان هذا التمثل وحده هو الذي يؤلف ذلك الخير السامي الذي نصفه بأنه أخلاقي، والذي نجده بالفعل حاضرا لدى الشخص الذي يعمل وفقا له ولا يصح لنا أن ننتظره أول ما ننتظر من الأثر الناتج عن فعله.
11 ⋆
ماذا عسى أن يكون هذا القانون الذي لا بد أن يحدد تمثلي له إرادتي، دون التفات إلى الأثر الناجم عنه كما يمكن تسمية هذه الإرادة بأنها خيرة على وجه الإطلاق، ودون أدنى تحفظ؟ لما كنت قد جردت الإرادة من كل الدوافع التي يمكن أن تنبثق فيها نتيجة لإطاعة قانون ما، فلن يتبقى غير الصورة القانونية العامة للأفعال على وجه الإجمال،
12
وهي وحدها التي ينبغي أن تكون مبدأ للإرادة، أي إنه ينبغي علي دائما أن أسلك السلوك الذي يمكنني من أن أريد أن تصبح مسلمتي قانونا كليا عاما. هنا نجد أن مجرد الاتفاق التام مع القانون بوجه عام (دون الاستناد إلى قانون محدد قائم على أفعال معينة) هو مبدأ الإرادة، وهو الذي ينبغي أن يكون مبدأ لها حتى لا يكون الواجب وهما باطلا وفكرة خرافية. إن العقل المشترك بين البشر، في تطبيقه لحكمه العملي، يوافق تمام الموافقة على ما تقدم قوله، ويجعل نصب عينيه دائما المبدأ الذي انتهينا من ذكره.
فلنلق على سبيل المثال هذا السؤال: ألا يجوز لي، حين يشتد الضيق، أن أعد وعدا بينما أبيت النية على عدم الوفاء به؟ إنني أفرق ها هنا في يسر بين المعنيين اللذين يمكن أن يحتملهما السؤال: أعني إن كان من الفطنة أو مما يتفق مع الواجب أن أعد وعدا كاذبا؟ قد يكون من الفطنة بغير نزاع أن ألجأ إلى ذلك في أكثر من مرة. بيد أنني سأجد أنه لا يكفي أن أخرج بنفسي من مأزق راهن بالالتجاء إلى هذه الوسيلة، بل إن علي أن أتدبر الرأي جيدا؛ فقد تسبب لي هذه الكذبة بعد ذلك مضايقات أشد وأعظم من تلك التي أحاول الخلاص منها الآن، ولما كانت النتائج، على الرغم من كل ما أزعمه لنفسي من «دهاء» لا يمكن التكهن بها بسهولة، وكان فقدي لثقة إنسان آخر قد يتجاوز في ضرره كل شر أحاول الآن أن أتحاشاه؛ أقول إن علي أن أسأل نفسي: أليس أبعد من ذلك فطنة أن أجعل مسلكي هنا وفقا لمسلمة عامة وأن أعود نفسي على ألا أبذل وعدا لا أنوي الوفاء به؟ غير أنه سرعان ما يتجلى لي ها هنا أن مثل هذه المسلمة إنما تقوم دائما على النتائج التي أخشى الوقوع فيها. على أن الصدق الذي يصدر عن شعور بالواجب يختلف اختلافا تاما عن الصدق الذي يصدر عن خوف من النتائج الضارة؛ فبينما يحتوي تصور الفعل في ذاته في الحالة الأولى على قانون لي، يكون علي في الحالة الثانية أن أتطلع في جهة أخرى لأتبين أي النتائج يمكن أن ترتبط بالفعل بالنسبة لي؛ ذلك لأنني إن حدت عن مبدأ الواجب، فإنني أكون بذلك قد أقدمت على شر لا مراء فيه أبدا، ولكنني إن خرجت على مسلمتي التي أصدر فيها عن فطنة فقد يعود علي ذلك في بعض الأحوال بفائدة كبيرة، وإن كان التزامي لها بالطبع أدعى إلى مزيد من الأمن والاطمئنان. إن أمضى الوسائل وأبعدها عن الخطأ لتعليم نفسي فيما يتعلق بالإجابة على هذا السؤال: هل الوعد الكاذب يتفق مع الواجب؟ هي أن أسأل نفسي: هل يرضيني أن تصبح مسلمتي (التي تجعلني أخرج من مأزق حرج باللجوء إلى وعد كاذب) قانونا عاما (ينطبق علي كما ينطبق على الآخرين)؟ وهل يمكنني أن أقول لنفسي: يستطيع كل امرئ أن يعد وعدا كاذبا حين يجد نفسه في مأزق لا يعرف وسيلة أخرى للخروج منه؟ إنني إن فعلت ذلك فسرعان ما أدرك أنني قد أريد الكذبة ولكنني لن أستطيع بحال أن أريد قانونا عاما يأمر بالكذب؛ ذلك لأن وجود مثل هذا القانون سيمتنع معه في الحقيقة وجود أي وعد من الوعود؛ إذ سيكون من العبث حينئذ أن أعلن عن إرادتي المتعلقة بأفعالي المقبلة لغيري مع الناس الذين لن يعتقدوا في صدق هذا الإعلان، أو الذين إن آمنوا به متسرعين فسوف يحاسبونني بنفس العملة في المستقبل، مما يترتب عليه أن تهدم مسلمتي نفسها بالضرورة، بمجرد أن يجعل منها قانون عام.
وإذن فالسؤال عما ينبغي علي أن أعمله، كيما يكون فعلي الإرادي خيرا من الوجهة الأخلاقية، لا يحتاج مني للإجابة عليه إلى إرهاف حسي بعيد المدى. يكفيني، وأنا العديم الخبرة عن مجرى الكون، العاجز عن مواجهة كل ما يقع فيه من أحداث، أن أسأل نفسي: هل تستطيع أن تريد لمسلمتك أن تصبح قانونا عاما؟ فإذا كان الجواب بالنفي فإن المسلمة تكون جديرة بأن تطرح جانبا، ولن يكون مرد ذلك في الحقيقة إلى ضرر قد ينجم عنها ويلحق بك أو بغيرك من الناس، بل لأنها لا تصلح أن تكون مبدأ يجد مكانه في تشريع عام ممكن، لكن العقل يجبرني على الاحترام المباشر لمثل هذا التشريع، وهو احترام قد «لا أدرك حقا» في هذه اللحظة علام يستند (وذلك موضوع يمكن الفيلسوف أن يبحثه)، ولكنني أفهم منه على الأقل أنه تقدير للقيمة التي تعلو علوا كبيرا عن قيمة كل ما يمتدحه الميل، وأن ضرورة أفعالي التي أقوم بها عن احترام «خالص» للقانون العملي هي ما يؤلف الواجب، وهو الذي لا بد لكل دافع من أن يفسح له المكان؛ لأنه شرط الإرادة الخيرة «في ذاتها»، التي ترتفع قيمتها فوق كل شيء.
بهذا نكون قد توصلنا في المعرفة الأخلاقية للعقل الإنساني المشترك
13
अज्ञात पृष्ठ