وإنما يكون ذلك في قولهم: عند البعير يعمد عمدًا، وهو عمد وعميد، إذا دوى سنامه كقولهم: مرض يمرض مرضًا فهو مريض، والأول بمعنى قصدت أقصد قصدًا، فأنا قاصد. وقد يقال: عمدت الشيء أعمده عمدًا إذا أسندته بعماد، إلا أن هذا يتعدى بنفسه، والأول يتعدى بحرف جر، كقولك عمدت الشيء فأنا أعمد له عمدًا، وهو ضد الخطأ، ومنه قول الراجز:
عمدًا فعلت ذاك غير أني إخال إن هلكت لم ترني
وأما قوله: هلك يهلك؛ فمعناه عطب، أو تلف، أو مات، أو ضاع، يحتمل كل ذلك؛ لقرب بعضه من بعض في المعنى. والعامة تفتح اللام من مستقبله؛ لأنه في معنى يعطب ويتلف، وهو خطأ؛ لأن حرف الحلق إنما هو فاء الفعل لا عينه أو لامه، فلا يكون إلا بكسر ثاني المستقبل أو ضمه، قال الله ﷿: (لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ) ومصدره الهلك على فعل، ولكن قد وضع موضعه الهلاك والهلك والهلكة.
وأما قوله: عطس يعطس، فهو معروف المعنى، ويقال هو مأخوذ من العطاس؛ وهو الصبح، ويقال هو الانتباه من النوم، يقال: بكرت قبل العطاس، وكذلك العطاس الذي يصيب الإنسان، إنما هو تخلص من بخار مستكن في الرأس والخياشيم، وانفساح من ضيق وغم، فهو بمنزلة الصبح الخارج من الظلمة، والانتباه من الرقدة؛ ولذلك يتبرك
1 / 49