وأما قوله: خمدت النار تخمد؛ فمعناه أن تطفأ ويذهب ضوؤها وحرها، ويقال: خمد الإنسان إذا مات، وإذا سكت، من فزع أو انقطاع عن حجة أو نحو ذلك. ومنه قول الله ﷿: (حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ). ومصدره الخمود. وإنما ذكره؛ لأن العامة يقولون: خمدت النار تخمد؛ بكسر الماضي وفتح المستقبل، مثل: طفئت تطفأ؛ لأنها في معناها، وهو خطأ، لأن فاعله لا يستعمل على فعل ولا فعيل، وإنما يقال خامد، بالألف لا غير.
وكذلك قوله: عجزت عن الشيء أعجز، بفتح الماضي؛ لأن العامة تقول: عجزت أعجز بكسر الماضي وفتح المستقبل، على وزن كسلت أكسل، وقال الله ﷿: (يَا ويْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الغُرَابِ). ومصدره العجز، والعجز معروف، وهو ضد القوة في الجسم، وضد الكيس في العقل والرأي. واسم الفاعل منه: عاجز بألف، ولا يجيء بغير ألف، كما جاء كسل بغير ألف. وإنما يقال: عجز يعجز عجزًا، على لفظ العامة، إذا كان معناه كبر العجيزة، بمنزلة قولهم: سته يسته ستها.
وكذلك قوله: حرصت عليه أحرص؛ لأن العامة تقول: حرصت أحرص، بكسر الماضي وفتح المستقبل، على وزن شرهت أشره، ورغبت أرغب، وهي لغة معروفة صحيحة، إلا أنها في كلام الفصحاء قليلة. واسم الفاعل منها: حريص على فعيل، والقياس حارص، إلا أنه جاء على معنى المبالغة، كما جاء عليم/ ورحيم، واستغني بحريص عن حارص، وهذا يقوي مذهب العامة. وأما الفصحاء فيفتحون الراء في الماضي،
1 / 47