وأما قولهم: يولَغ، فإنما هو فعل لم يسم فاعله، والماضي منه أُولِغ بضم الهمزة، وهو فعل صاحب الكلب بالكلب، وهو على أفعل يُفعل، يتعدى بغير حرف جر، من قولهم: أولغتُ الكلب فأنا أُولِغه؛ إذا سقيته.
وأما ربط يربط، ففيه الضمن والكسر جميعًا، مستعملان، والكسر أكثر وأعرف فلذلك اختاره، وليس من هذا الباب شيء، ماضيه بغير الفتح، فكل ما كسرته العوام من ذلك، فهو خطأ عند العرب والنحويين، إلا أن يجيء شيء فيه لغتان مثل: نَقِم ونَكِل. فهذا قياس أبنية هذا الباب، وعلل أمثلته، صحيحها ومعتلها، فمن عرفها عرف بها جميع ما تخطئ العامة فيه، من هذا الباب مما ذكر أو لم يذكر في هذا الكتاب.
* * *
وأما غريبه ومعانيه، فإنا مفسرون كل كلمة ذكرها فيه ثعلب، وغير متجاوزين ذلك إلى ما شراكها في اللفظ دون المعنى، أو اتصل بها في الاشتقاق؛ لئلا نخرج عن غرض هذا الكتاب، أو نطيله، على الناظر فيه، إن شاء الله.
أما قوله: نمى المال، فمعناه كثر وزاد، يقال: نمت الماشية؛ إذا تناسلت. ونمى القوم: إذا توالدوا فكثروا. ونمى النبات: إذا طال، ونمى الغلام، ونمت الجارية: أي زاد جسمها، ولذلك سمي الحيوان والنبات: النامي. وقول العرب: نمى المال، إنما يعنون/ الإبل والغنم؛ لأنها تتوالد وتمني. فأما الذهب والفضة فإنما يقال فيهما: نمى مال فلان على الاستعارة، وليس واحد منهما بنام، وإنما ينضم إليهما غيرهما، ولا يرابون في أنفسهما ولا يزيدان، ولكن يتجر بهما، فيربح فيهما. وقد نمى الخضاب في اليد والشعر، إذا استود جدًا، أو زاد صِبغه، ونمى الحبر في الكتاب؛ إذا اشتد سواده وزاد بعد ما يكتب، وفي ذلك يقول الراجز:
يا حب ليلى لا تغير وازدد ... وانم كما ينمى الخضاب في اليد
1 / 39