ويقول تلميذه ابن العطّار: كتب شيخنا أبو عبد الله الإِربلي شيخ الأدب في وقته كتاب ((العمدة في تصحيح التنبيه)) للشيخ قدّس الله روحه، وسألني مقابلته بنسختي ليكون له روايةً عنه، فلما فرغنا من ذلك قال لي: ما وصل الشيخ تقي الدين ابن الصلاح إلى ما وصل إليه الشيخ محبي الدين من العلم والحديث والفقه^(١).

وهناك ملاحظة لا بد من التنبيه إليها، وهي أن بعض كتب التراجم تخلط بين ((تصحيح التنبيه)) و((تحرير التنبيه)) فتطلق على الثاني اسم ((التصحيح)). وحقيقة الأمر أن ((التصحيح)) و((التحرير)) كتابان مختلفان في الطبيعة والموضوع. فتصحيح التنبيه كتاب يعالج مسائل فقهية في شتى أبواب الفقه، سنوليها مزيد توضيح عندما نتحدث عن أهمية الكتاب ومنهجه. أما تحرير التنبيه فهو كتاب في اللّغة يبيّن ألفاظ التنبيه، ويقدم تعريفات لبعض المصطلحات غير المألوفة.

المطلب الثاني: الإِشارة إلى كتاب ((تصحيح التنبيه))، في معظم كتب المذهب الشافعي، لا سيما عند طرحها للمسائل التي هي محلّ خلاف في المذهب، وتتباين أقوال أئمة المذهب في ترجيح قول على آخر، أو وجه دون وجه. وسيقف القارىء الكريم على نماذج لذلك عند دراسته للتعليقات الفقهية التي أوردتها على مسائل التصحيح، ففي شروح المنهاج مثل ((كنز الراغبين)) للجلال المحلي، و((نهاية المحتاج)) للرملي وما عليهما من حواشٍ، و((مغني المحتاج)) ورد ذكر ((تصحيح التنبيه)) غير مرة. وكذلك في كتب المذهب الأخری کالمنهج لشيخ الإِسلام زکریا، وشروحه كفتح الوهاب، وحاشية الجمل، وحاشية البجيرمي، كما نجد هذه الإِشارات في حاشية الباجوري والشرقاوي ... وهذه الإِشارات، تعطي الدليل القاطع، والبرهان الساطع على أن كتاب ((تصحيح التنبيه)) هو أحد مصنفات الإمام النووي رحمه الله تعالى.