तसव्वुफ और इमाम शअरानी
التصوف الإسلامي والإمام الشعراني
शैलियों
الشعراني رجل المثالية الخلقية
وبعد، فإن كان الشعراني كزعيم شعبي وكمجاهد صوفي قد شاركه في الجهاد والزعامة كثيرون من رجال التاريخ، فإن الشعراني - كما أومن - ينفرد بخلق إنساني رحيم كريم مثالي، لا أظن أن غيره يبلغ مبلغه عمقا وإيمانا.
كان الشعراني بحق رجل الأخوة الإنسانية على أدق معاني تلك الأخوة؛ ولهذا كان يشارك بوجدانه، بل بكل أحاسيسه المظلومين والمحرومين؛ يشقى لشقائهم، ويتألم لألمهم. يقول الشعراني: «إني لأشعر بشعور المعذبين والمظلومين حتى لكأن كل عذاب أو ظلم وقع بأحد من الناس وقع بي .»
وكان الشعراني يرى أن الإنسان لا يكون إنسانا إلا إذا شارك الناس كافة في أحزانهم وآلامهم؛ لأن الإنسانية وحدة متماسكة خيرها مشترك، وعذابها مشترك، يقول: «من ضحك، أو استمتع بزوجه، أو لبس ثوبا مبخرا، أو ذهب إلى مواضع المتنزهات أيام نزول البلاء على المسلمين فهو والبهائم سواء.»
وكان الشعراني رحيما بالناس، ورحيما بنوع خاص بالعصاة والمذنبين؛ لأنهم أشد الناس ضعفا، وأحوجهم إلى العطف والنصح والرحمة، يقول متحدثا عن مبادئه: «ثم ستري لعورات الناس وعيوبهم ورحمتي بالعصاة حال تلبسهم بالمعصية؛ فإنهم أشقى الناس حينئذ.»
ويقول: «ثم كثرة رفقي ورحمتي لمن شكا إلي كثرة محبته للمعاصي؛ لأنه مريض، ثم غيرتي على أذني أن تسمع زورا، وعيني أن تنظر محرما، ولساني أن يتكلم باطلا.»
وتمتد رحمة الشعراني إلى الحيوان الأعجم؛ لأنه ضعيف مسخر للإنسان «ثم كثرة شفقتي على دابتي وكراهتي أن أحمل سوطا.»
بل لقد كان الشعراني يرى أن العبادة لا تصلح إلا بصلاح القلب ونقاء الأخلاق، فكان لا يقوم إلى الصلاة إلا إذا فتش قلبه: هل فيه غل أو حقد أو حسد أو نميمة، أو شهوة صغيرة أو كبيرة؟ بل كان يستحي أن ينام وفي قلبه شيء من هذا؛ لأن النوم رحلة الروح إلى الملأ الأعلى.
ويستطرد قائلا: «ثم أخذي كل كلام وعظت به الناس في حق نفسي أولا، وفي حق الناس ثانيا، واستغفاري من ذلك ثالثا، ثم عفوي العام عن كل مسيء إلي، ثم كثرة اهتمامي بحمل هموم عدوي قبل اهتمامي بهموم صديقي.»
ويسمو الشعراني في أدب النفس، ويرتفع في معارج الأخلاق، فيقول: «ومما أنعم الله به علي عدم خروجي من بيتي إلا إذا علمت من نفسي القدرة - بإذن الله - على هذه الثلاث خصال: تحمل الأذى عن الناس، وتحمل الأذى منهم، وجلب الراحة لهم.»
अज्ञात पृष्ठ