तसव्वुफ़: आध्यात्मिक क्रांति इस्लाम में
التصوف: الثورة الروحية في الإسلام
शैलियों
مر التصوف - إذا استعملنا هذه الكلمة بأوسع معانيها - بأدوار مختلفة متمايزة لكل منها مميزاته وخصائصه، بل يكاد يكون لكل منها زمن معين ظهر فيه، وقد ذكرنا أن اسم «الصوفي» لم يظهر ولم يشع استعماله قبل المائتين، والحقيقة أنه لم يوجد إلى ذلك العهد شيء ينطبق عليه وصف «التصوف» بمعناه الدقيق؛ أي الحياة الروحية المنظمة ذات الأحوال والمقامات والمواجد والأذواق والإشراق، وإنما الذي وجد هو الزهد. فلو فهمنا التصوف بمعناه العام، اعتبرنا الزهد أول دور من أدواره، ولم يكن الصوفي في هذا الدور يعرف باسم الصوفي، بل كان يطلق عليه اسم الزاهد أو العابد أو الفقير أو الناسك أو القارئ، والقراء اسم قديم للزهاد.
1
ولم يكن لهذه الألفاظ معنى زائد على شدة العناية بأمر الدين ومراعاة أحكام الشريعة، والفقر والزهد في الدنيا بعض مظاهر ذلك.
فأساس الزهد في العصر الأول كان الفقر وإنكار الذات وهجر الدنيا، أو على الأقل تحقيرها، مع مراعاة دقيقة لآداب الشريعة وأوامرها، وبهذا المعنى نستطيع أن نعد النبي عليه السلام والصحابة والتابعين من الزهاد، وكان زهدهم من النوع البسيط الساذج الذي لا يعدو ما ذكرناه مع استشعار شديد بالخوف من الله وعذابه، والرجاء في جنته وثوابه، والمبالغة في تقدير المعصية.
لم يكن الزهد في هذا العصر الإسلامي المبكر حركة من الحركات الدينية، ولا مذهبا من المذاهب، ولا نظاما جماعيا، بل كان نزعة فردية رائدها الدين وحده؛ القرآن وسنة الرسول، والظاهر أن المسلمين في هذا العصر كانوا منصرفين إلى الجهاد في سبيل الله ونشر دعوته أكثر من انصرافهم إلى حياة الزهد والاعتكاف، فإن الجهاد - وهو بذل النفس في سبيل الله - كان أكبر شرف يناله المسلم، وكان نظير الاستشهاد عند المسيحيين.
وقد روي عن النبي
صلى الله عليه وسلم
أنه قال: «لكل نبي رهبانية، ورهبانية هذه الأمة الجهاد.» والظاهر من سير بعض كبار المجاهدين في الإسلام أن الجهاد كان ينظر إليه بنفس النظرة التي نظر بها فيما بعد إلى الزهد، فإن كثيرا من صفات الزهد والتقشف ونحوهما خلعت على المجاهدين، ولكن سرعان ما تحول هذا الزهد البسيط إلى زهد عميق معقد، وأصبحت له حياة منظمة وقواعد وشروط وشيوخ؛ فقد ظهر بعد الزهاد الأوائل زهاد آخرون سموا أنفسهم بأسماء مختلفة: كالقصاص والبكائين والوعاظ، وأصبح لهؤلاء حلقات يعقدونها للوعظ والقصص والتعليم، صارت فيما بعد نواة لمدارس الزهاد التي بدأت تظهر بعد القرن الأول الهجري بقليل، وهنا أصبح الزهد حركة دينية واتجاها خاصا في الحياة، كما أصبح ظاهرة جماعية منظمة داخل صوامع وربط أشبه ما تكون بصوامع الرهبان المسيحيين وأديرتهم.
ومن مميزات هذا الزهد الجديد المبالغة في ناحيتين؛ الناحية التعبدية التي ظهرت في المبالغة في النوافل والذكر، والناحية الأخلاقية التي أهم مظاهرها «التوكل» الذي هو أساس الأخلاق الصوفية جميعها، كالزهد في الدنيا والاشتغال بالله وحده ومراعاته في كل فكر وعمل، وترك الكسب والتطبب، وعدم الاكتراث بحظوظ النفس ومدح الناس وذمهم.
وقد ظهر في هذه الحقبة من الزمن مدرسة المدينة ومدرستا البصرة والكوفة على التوالي.
अज्ञात पृष्ठ