तसव्वुफ़: आध्यात्मिक क्रांति इस्लाम में

अबू अला अफीफी d. 1385 AH
166

तसव्वुफ़: आध्यात्मिक क्रांति इस्लाम में

التصوف: الثورة الروحية في الإسلام

शैलियों

الخفيفية: نسبة إلى أبي عبد الله محمد بن خفيف الشيرازي. (10)

السيارية: نسبة إلى أبي العباس السياري.

وليس لأحد آخر فيما نعلم تصنيف للفرق الصوفية من هذا النوع، بل هو نوع انفرد به الهجويري في كتابه العلمي الرائع، وهو ينظر في هذا الفصل من الكتاب إلى الميدان الصوفي العام ويحاول أن يتبين المعالم البارزة فيه، ويركز هذه المعالم حول كبار مشايخ الطريق الذين كان لهم أتباع وتعاليم روحية اصطبغ بها تصوفهم وخلفت أثرها في مجرى التصوف العام؛ لذلك أفرد كل واحد من هؤلاء المشايخ بفقرة خاصة طويلة أحيانا وقصيرة أحيانا أخرى، معالجا أخص ما امتاز به تصوفه وتصوف فرقته، تاركا مختلف التفاصيل التي يشترك فيها مع غيره، كما يعرج أحيانا على المسائل التي هي موضع خلاف بين صوفي وآخر ليعرضها عرضا موضوعيا مفصلا ويورد أقوال الصوفية الآخرين فيها، ويسجل رأيه الخاص في أغلب الأحيان، وبهذا يضع الهجويري أمامنا صورة مصغرة لتاريخ المذاهب الصوفية واتجاهاتها منذ ظهر التصوف حتى نهاية النصف الثاني من القرن الخامس الهجري.

والآن نعرض بعض جوانب الحياة الصوفية التي وقع فيها الخلاف بين الفرق الصوفية حسب تقدير الهجويري لنتبين نوع هذا الخلاف ومداه، ولكننا سوف لا نتقيد في عرضنا بما يقوله الهجويري وحده في هذه المسائل، ومن ذلك: (1-1) اختلافهم في الفقر والغنى

يتكلم الناس عادة عن الفقر والغنى بمعناهما المادي: فالفقير عندهم هو المعدم الذي لا يملك ما يملكه الغني، والغني هو الذي أعطي بسطة في الرزق فكان له المال أو العقار أو غيرهما من متاع الدنيا، وقد تكلم أوائل الزهاد المسلمين عن الفقر والغنى بهذا المعنى فلم يتجاوزوا التصور المادي لهما؛ ولذلك جعلوا الفقر أساسا في طريقهم وتجردوا عما يملكون من مال ومتاع، بل جعلوا هذا التجرد بداية لا بد منها للدخول في ميدان الزهد، وإذا تصفحنا أقوال إبراهيم بن أدهم وغيره من زهاد المسلمين في الفقر لم نجد في كلامهم إلا هذا.

ولكن الصوفية ابتداء من القرن الثالث فلسفوا الفقر والغنى واتخذوا لهما معايير أخرى، وهي معايير لا صلة لها بالمال ولا بما يملك الناس من مقتنيات هذه الدنيا: وإنما صلتها بالنفس الإنسانية وصفاتها ورغباتها، وبالله وعلاقته بالعبد، ولذا كانت نظرتهم إلى الفقر والغنى نظرة ميتافيزيقية سيكولوجية عميقة بنوا عليها نظاما في الزهد على مستوى روحي أعلى.

وقد شاع اسم «الفقير» في أوساط الصوفية في عصر مبكر في تاريخ التصوف حتى كاد يصبح علما على الصوفي، ولكن «الفقير» بالمعنى الصوفي ليس هو المعدم الذي لا يملك قوت يومه، ولا الأشعث الأغبر لابس المرقعة، وإن كان من الصوفية من هم على هذا النحو، بل هو الصوفي الكامل الذي تحقق بصفات «الافتقار» إلى الله، وسار في حياته بمقتضى ما تحقق به، وهذه هي النقطة الأولى في فلسفتهم للفقر، وهي تفسيره بمعنى «الافتقار».

ليس الفقير عندهم إذن من خلا من الزاد، وإنما الفقير من خلا قلبه من الرغبة في المراد. هذا تعريف الفقير في عرفهم، وهو تعريف يفسر الناحية السلبية من الفقر الصوفي. أما الناحية الإيجابية فهي استغناء الفقير بالله وحده، وفي هذا يقول الشبلي: «الفقير من لا يستغني بشيء دون الله.»

4

فالفقر في عرف القوم فقدان الصفات والرغبات والإرادات والفوز بالله وحده، وبهذا المعنى يقرب الفقر الصوفي من حال «الفناء» التي أطلنا القول فيها في مناسبات عديدة، بل ومن أحوال أخرى كثيرة وإن لم تجر العادة بتسميتها باسم الفقر، وقد لاحظنا عند النظر في أحوال الصوفية وتحليلها وسبر أغوارها أنها يفضي بعضها إلى بعض، ويئول بعضها إلى بعض، ويندمج بعضها في بعض، وكأنما هي مظاهر مختلفة لتجربة روحية واحدة هي «التجربة الصوفية» التي يتحقق فيها استغراق الصوفي في الله. فسواء تكلم الصوفية في «المحبة» أو «الذكر» أو «الفناء» أو «الزهد» أو «الإيثار» أو «الفقر» أو «التوكل» أو «الوجد» أو «السكر» أو «الجذب»، تجدهم يحومون حول معان مختلفة لحقيقة واحدة هي اتحادهم بالله أو اتصالهم به أو قربهم منه أو ما شئت فسمه، وليست هذه الأسماء إلا الألوان التي تصطبغ بها تجربتهم عندما ينكشف في قلوبهم النور الإلهي القاهر، أو هي الزوايا التي ينكسر عليها ذلك النور.

अज्ञात पृष्ठ