तसव्वुफ़: आध्यात्मिक क्रांति इस्लाम में
التصوف: الثورة الروحية في الإسلام
शैलियों
وقد نظر هؤلاء الزهاد إلى العالم نظرتهم إلى شيء بغيض حقير يجب الفرار منه وعدم الركون إليه، وعدم الاغتباط بأمر من أموره، ولو كان ذلك الأمر لذة الطاعة، ولذا غلب عليهم الحزن والكمد والخوف والبكاء، وشاع في نفوسهم التشاؤم، ومن الأمثلة الواضحة لمثل هؤلاء زهاد الصحابة والتابعين، ومن زهاد القرن الثاني إبرهيم بن أدهم وشقيق البلخي، وقد فصلنا القول في ذلك فيما ذكرناه عن الدور الأول من أدوار التصوف.
أما رجال المرحلة الثانية وما يليها فتقوم نزعتهم الصوفية - أو فلسفتهم الصوفية إن صح هذا التعبير - على أساس أن أهم صفات الألوهية ليست الإرادة المطلقة المسيطرة على كل شيء، بل الجمال المطلق والحب المطلق المنبثين في سائر أنحاء الوجود، والعالم في نظرهم مظهر من مظاهر الإرادة الإلهية من غير شك، ولكنه فوق ذلك مرآة ينعكس على صفحتها الجمال الإلهي، وصورة يتجلى فيها الحب الإلهي، والله الذي صوره أوائل الزهاد بصورة «المعبود» الذي يجب أن يذل له العبد ويخشاه، صوره هؤلاء بصورة «المحبوب» الذي يحبه العبد، ويناجيه ويستأنس بقربه ويطمئن إلى جواره، ويشاهد جماله في قلبه وفي كل ما ظهر في الوجود من آثاره.
بل إن بعضهم ذهب إلى القول بأن «الحب الإلهي» هو سر خلق الله العالم؛ لأنه تعالى أراد أن يكشف عن سر جماله الأزلي ليظهره في صفحة الوجود ليكون دليلا عليه كما قال تعالى عن نفسه في حديث قدسي: «كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق فبه عرفوني.»
1
وكان من نتائج هذه النزعة ظهور نظرية الحب الإلهي وذيوعها في أوساط الصوفية طوال العصور، وظهور فكرة الجذب الصوفي وفكرة الاتصال بالله.
لا مجال إذن للقول بأن نظرية الحب الإلهي نظرية ليست إسلامية، أو أنها لا سند لها من القرآن والحديث، وأنها أمر استحدث عند المسلمين عندما تأثروا بأصحاب الديانات الأخرى كالمسيحية والمانوية، وإن كان لهاتين من غير شك أثر غير قليل في تشكيل هذه النظرية وأساليب التعبير عنها. لقد صرح القرآن بأن الله يحب ويحب في مثل قوله تعالى:
يحبهم ويحبونه ،
2
وقوله:
والذين آمنوا أشد حبا لله .
अज्ञात पृष्ठ