ولعلّ شيوع التهمة عليه، إنَّما تمّ للسَّبب الذي ذكره أبو العرب. وهو أنّ موسى بن معاوية الصّمادحي، نقل إلى سحنون خبرا عن ابن سلاّم، فيه مقالة أناس بالشّرق، مذهبهم أن الإيمان قول، فظنّ سحنون أنه نقل بذلك عقيدة ابن سلاّم فقال: هذا مرجئي.
ولا يخفى أن سحنونا (ت ٢٤٠/٨٥٤) كان متصدّيا للبدع بالقيروان. وهو أوّل من شتَّت حلقات المبتدعة من المساجد. فهو بالمرصاد لكلّ الشّبه يقطعها من أصلها.
ويظهر أن موسى بن معاوية الصّمادحي (ت ٢٢٥/٨٣٩) كان بدوره مقاوما للبدع. فقد عثرت على قطعة بالمكتبة الأثرية بالقيروان، جاء في عنوانها: "كتاب فيه أحاديث في السَّنَّة والنهي عن البدعة، ممَّا حدثني به أحمد بن أحمد بن أحمد بن يزيد المعلم، عن موسى بن معاوية الصمادحي وغيره".
وفي القطعة تشديد كبير على أهل البدع. فقد وردت فيها أحاديث حول القول بكفر من قال بخلق القرآن، وأحاديث حول القدرية، والجمهيَّة، والمرجئة. وقد ورد في شأن المرجئة أنَّهم الخبثاء.
ويمكن أن نضيف إلى هذا، أن ابن سلاّم كان حسب ما ورد في تفسيره ميَّالا إلى مذهب السَّلف، وإلى العامَّة.
زد إلى ذلك أن تهمة الإرجاء لا نجدها في مؤلَّفات المشارقة الذين تحدَّثوا عن يحيى بن سلاّم، وربَّما وجدنا فيها ما يثبت عكس التهمة. فقد ذكر ابن الجزري مثلا أنّ ابن سلام كان صاحب سنَّة.
1 / 82