अरबी दुनिया में अनुवाद: वास्तविकता और चुनौती: स्पष्ट सांख्यिकीय तुलना के प्रकाश में
الترجمة في العالم العربي: الواقع والتحدي: في ضوء مقارنة إحصائية واضحة الدلالة
शैलियों
ولكن الفكر الأصولي السلفي المتشدد ناصب المأمون وبيت الحكمة العداء، وخاض معارك باسم الدين والتفسير الحرفي ضد مشروعات المأمون العلمانية، التي كان مقدرا لها - لو استمرت - أن تنقل الشرق الأوسط إلى آفاق حضارية رحبة . وكان رائد هذه الحركة السلفية المناهضة للعقل في أيام المأمون هو الإمام أحمد بن حنبل في مجال العقيدة، والثاني الإمام أبو حامد الغزالي ، الذي كان بفكره معولا لهدم العقل الفلسفي، وانعقدت للفكر السلفي السيادة منذ ذلك التاريخ. ونلاحظ أن هذه المعارك لا تلبث أن تظهر نشطة دوما، معارضة لكل دعوة للعقل والعقلانية والنهضة العلمية والتطور.
وعلى الرغم من هذا الصراع باسم المقدس، فقد أعطى التفاعل ثمارا فكرية متنوعة وإبداعات علمية توجزها عبارة الحضارة الإسلامية أو العربية. ومن عجب أننا نجد من يشيد بهذا العصر، على قصره، في زهو باعتباره عصر ازدهار، ونجد من هم على طرف نقيض، ويرون أن هذه الفترة هي سر وبداية النكبة. وهاتان رؤيتان متوازيتان على امتداد التاريخ حتى اليوم. والأمر الجدير بالبحث والتفسير هو لماذا تنعقد الغلبة في النهاية دائما لأصحاب التوجه السلفي؟
والذي يعنينا هنا أن وقائع هذه المرحلة تؤكد لنا أن الترجمة كانت إحدى آليات هذه النهضة في تزاوج مع واقع ينبض بحياة فكر وفعل اجتماعيين جديدين، واقع تربطه علاقة رحم بالسابق على تنوعه، وعلاقة نسب بقضايا الحاضر الجديد آنذاك.
واستسلم العقل العربي بعدها لحالة انكفاء ووهن حضاري؛ أعني انطفأت جذوة الإبداع في ظل سيادة نظم حكم عاطلة من ثقافة الفعل الاجتماعي والعقل الإبداعي والانتماء والتطوير الحضاري، وسادت مقولة: «كل مستحدث بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.»
وامتد عصر الوهن الحضاري إلى أن تيسرت ظروف تفاعل جديدة مع ما اصطلح على تسميته الحضارة الحديثة؛ أي الغرب. وبعيدا عن اختلافات التفسير أقول: بدأت الترجمة في العصر الحديث من موقعين، ولكل أسبابه الخاصة للنشأة والتطور؛ في مصر، وفي متصرفية لبنان، أو جبل لبنان أثناء الحكم العثماني.
ارتبطت الترجمة في لبنان بموقف مناهض لسياسة التتريك، ومن ثم محاولة الحفاظ على اللغة العربية ضمانا لفصل المنطقة ثقافيا عن تركيا، وهو الموقف الذي دعمه الغرب. وقدمت لبنان أعلاما في الفكر العربي والترجمة، نذكر منهم: أمين المعلوف صاحب معجم الحيوان، والمعجم الفلكي، ومعجم النبات. وكذلك فارس نمر، ويعقوب صروف، اللذان أصدرا مجلة المقتطف، وتضمنت الكثير من الدراسات المترجمة في سياق سياسة التنوير.
ولكن حركة الترجمة كنشاط اجتماعي تنويري واستقلالي داعم للنهضة والتحديث، بدأت في مصر في عهد محمد علي. ويعتبر الشيخ رفاعة رافع الطهطاوي إمام التنوير والعلمانية؛ إذ جعل الترجمة، وبدعم من السلطة، مؤسسة اجتماعية هدفها إنجاز مشروع قومي اجتماعي شامل لجميع أنشطة الحياة، وتحقيق نهضة في العلوم والصناعات.
بدأ تاريخ الترجمة في العصر الحديث للعالم العربي انطلاقا من هذين المركزين. وتعثر نشاط الترجمة أو انحسر بعدما أصابت جهود النهضة انتكاسة بسبب الدور الاستعماري الغربي، والنظم الحاكمة الاستبدادية المحلية التي حالت دائما دون أن تكون قضية الوطن أمانة بين يدي شعب واع ومشارك في إدارة شئون مجتمعه بحرية. وبدأت صحوة جديدة للترجمة مع مطلع القرن العشرين قرينة صحوة اجتماعية وسياسية للمطالبة بالاستقلال. وبرز أعلام للفكر العربي، كما نشأت مؤسسات للترجمة والتنوير في إطار رؤية قومية لتحصيل علوم الحداثة التي هي أساس نهضة وازدهار الغرب.
ومع بداية ما يمكن أن نسميه عصر استقلال الكيانات العربية ونشوء دول جديدة في منتصف القرن العشرين، ظهرت مراكز ومؤسسات للترجمة في غير المركزين السابقين؛ في الكويت وسوريا والعراق والسعودية، وأخيرا في دبي وأبوظبي وقطر.
وأبدت الجامعة العربية اهتماما بدور الترجمة، ودعت، بناء على مبادرة من عميد الأدب الراحل طه حسين، إلى إنشاء مؤسسة عربية للترجمة لإعداد المترجمين. ولكن لم يتحقق من هذا كله سوى إقامة المعهد العالي العربي للترجمة الذي أقيم منذ بضع سنوات فقط في الجزائر، ولا يزال في دور التجربة، وشرع في تخريج مترجمين يؤرقهم سؤال: ماذا عسانا أن نترجم؟ ولماذا نترجم؟ ولمن نترجم؟ أعني أن جهدهم التعليمي غير مقترن بمشروع قومي محلي أو عربي، وأمامهم العالم العربي عاطل من هدف نهضوي.
अज्ञात पृष्ठ