وسأل شملول: وكيف تستطيع؟
وقال سامي: بل قل كيف نستطيع، فإنني بغيركم لا أستطيع أن أصنع شيئا، إما أن تنضموا إلي أو أترك الأمر كله.
وتصايحت أصوات الجميع من نساء ورجال وتناثرت الألفاظ والجمل، واختلطت وتشابكت وركب بعضها فوق بعض، كيف؟ هل هذا معقول؟ نذهب للنار بأرجلنا، ونحن ما شأننا، أبعد أن أنقذنا الله نرجع مرة أخرى؟!
وعلت الابتسامة وجه سامي ومأمون ورشيدة، وانتظر ثلاثتهم حتى لم يجد أصحاب البيت بدا أن يصمتوا، وقال محمود: إن ما تقوله عجيب يا أستاذ سامي، إنك تأتي إلينا في مستقرنا بمصر، وتطلب إلينا أن نعود مرة أخرى للتمرة، وقد حاول أبوك أن يقتلني هناك، واغتصب بيوتنا. ونحن قانعون بما نحن فيه اليوم، فنحن نعيش حياة آمنة لا نحتاج إلى مال، ولدينا أبناؤنا، ونريد أن نربيهم، وتطلب إلينا أن نعود إلى رجل طاغية معه الرجال والسلاح. وقلبه - ولا تغضب - بلا رحمة على الإطلاق. أهذا معقول؟ - إن لم تردوا الظلم عن أهل قريتكم فمن يرده؟
ويقول صميدة: فليقع الظلم ما شاء له أن يقع، ما شأننا نحن؟!
ويقول سامي: شأنكم أنكم نجوتم من هذا الظلم، وأنكم رجال، وأنكم تملكون المال. وأنتم مسلمون والله يقول:
والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون .
ويقول محمود: ولماذا لا تحاول قرية التمرة برجالها أن ترد هذا الظلم؟
ويبتسم سامي ويقول: إنهم يعيشون في جوف الهول، ولا يتصورون أن هناك طريقا لمقاومة الظلم أن يقع. وهم جهلاء وأنتم أصبتم، ونحن أصبنا شيئا من العلم، وهم فقراء وأنتم ونحن أصبنا شيئا من الغنى.
ويقول محمود: أستاذ سامي لا تؤاخذني، هذه أول مرة نراك منذ كنت طفلا، ولا نعرف عنك شيئا. وأنت تطلب منا شيئا لا يتصور أحد أن ابنا يقوم به إزاء أبيه، فكيف يمكن أن نطمئن أنك لا تجرنا إلى مكيدة يدبرها لنا - ولا مؤاخذة - أبوك؟
अज्ञात पृष्ठ