तारिक इखवान सफा
طريق إخوان الصفا: المدخل إلى الغنوصية الإسلامية
शैलियों
ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا »
6 (4: 1، 162-169).
حول هذه الكرة الأرضية التي وصفناها بمقاطع منتقاة من رسائل إخوان الصفاء، تنشط في كرة الهواء ظواهر جوية ذات أثر كبير في الحياة الأرضية، مثل حركة الرياح والضباب والغيوم والرعود والبروق والصواعق والشهب والمذنبات. وقد وصف الإخوان هذه الظواهر وعللوها تعليلات علمية تتفق في معظمها مع ما قدمته لنا العلوم الحديثة. وفي الأحوال التي قصروا فيها عن بلوغ الأرب وإصابة الحقيقة، فإن تقصيرهم لا يعزى إلى خلل في المنهج، وإنما إلى محدودية مساحة المعرفة العلمية في ذلك الزمان.
في الظواهر الطبيعية «اعلم أيها الأخ البار الرحيم، أيدك الله وإيانا بروح منه، أنه لما فرغنا من ذكر الأركان الأربعة، أردنا أن نذكر في هذه الرسالة الملقبة بالآثار العلوية حوادث الجو وتغييرات الهواء وكيفية حدوثها بتأثيرات الأشخاص الفلكية فيها. ولكن من أجل أن كثيرا من الناس العقلاء يظنون أن المطر ينزل من السماء من بحر هناك، وأن البرد يقع من جبال، ثم يستشهدون على صحة ظنونهم بقوله عز وجل: ... وأنزلنا من السماء ماء طهورا
7
وقوله تعالى: ... وينزل من السماء من جبال فيها من برد ...
8
ولا يعرفون معاني قوله سبحانه، ولا تفسير آيات كتابه، جل ثناؤه، احتجنا أن نذكر فيها طرفا لتزول الشكوك والشبهة.
واعلم يا أخي بأن معنى السماء في لغة العرب هو كل ما علا الرءوس، وأن المطر إنما ينزل من السحاب، والسحاب يسمى سماء لارتفاعه في الجو، ويسمى أيضا السحاب جبالا لتراكمه بعض فوق بعض كتراكم أركان الجبال وركود أطوادها بعضها فوق بعض، كما يرى ذلك في أيام الربيع والخريف كأنها جبال من قطن مندوف متراكم بعضه فوق بعض» (18: 2، 62-63). «إنا قد بينا في رسالة السماء والعالم أن كرة الهواء محيطة بكرة الأرض من جميع جهاتها، وأن سمكها من ظاهر سطح الأرض إلى أدنى فلك القمر مثل قطر الأرض ست عشرة مرة ونصفها، وذلك أن قطر الأرض ألفان ومائة وسبعة ستون فرسخا، فيكون سمك الهواء 35758 فرسخا» (18: 2، 65). وفيما يتعلق بكرة النسيم، وهي الأدنى إلى الأرض وفيها ينشط معظم الظواهر الجوية: «إن أكثر ما يكون سمك كرة النسيم ستة عشر ألف ذراع ارتفاعا في الهواء، وأقله ما يطابق سطح الأرض. ومن الدليل على أن أكثر ما يكون سمك كرة النسيم هذا المقدار هو أن أعلى جبل يوجد على الأرض لا يجاوز ارتفاع رأسه في الهواء هذا المقدار ...
اعلم يا أخي أن أول ما يقبل الهواء من التغييرات والاستحالات هو النور والظلمة والحر والبرد، ثم ما يحدث فيه من اختلاف الرياح من كثرة البخارات المتصاعدة، والدخانات الساطعة المطبقة، وتتبعها الزوابع والهالات والضباب والغيوم والرعود والبروق والصواعق والهزات، ثم الأمطار والطل والندى والصقيع والثلوج والبرد وقوس قزح والشهب وكواكب الأذناب، وما يتبع هذه من هيجان البحار والمد والجزر في البحار» (18: 2، 68). «واعلم يا أخي أن الهواء بحر واقف، لطيف الأجزاء، خفيف الحركة، سريع السيلان، سهل القبول للتغيرات والحوادث. وقد بينا في رسالة الحاس والمحسوس كيفية قبوله للنور والظلمة والأصوات والروائح، وكيفية قبوله البرد والحر في رسالة الكون والفساد. ونريد أن نصف في هذا الفصل كيفية حدوث الرياح، وكمية أنواعها وجهاتها، واختلاف تصاريفها، وما العلة المحركة لها في وقت دون وقت، وفي بلد دون بلد؛ ونبين أيضا كيفية سياقة الغيوم من البحار إلى البراري والقفار ورءوس الجبال، وكيف تهز السحاب حتى يهطل القطر ...
अज्ञात पृष्ठ