तारिक इखवान सफा
طريق إخوان الصفا: المدخل إلى الغنوصية الإسلامية
शैलियों
يا رب جوهر علم لو أبوح به
لقيل لي أنت ممن يعبد الوثنا
ولاستحل رجال مسلمون دمي
يرون أقبح ما يأتونه حسنا
هذا الموقف المزدوج للرسول
صلى الله عليه وسلم
في نقله لمضامين القرآن، يفسره محيي الدين بن عربي بازدواجية «النبوة» و«الولاية» في شخصه، أو ازدواجية «الشريعة» و«الحقيقة». فالنبوة مختصة بالظاهر، والولاية مختصة بالباطن؛ ولكن للولاية الأولوية على النبوة بسبب أولوية الباطن على الظاهر؛ والنبوة تتضمن الولاية، ولكن الولاية لا تتضمن النبوة. فكل نبي ولي، ولكن ليس كل ولي نبيا؛ وسلسلتا النبوة والولاية ممتدتان منذ أول الأنبياء آدم عليه السلام. فإذا التقتا في شخص معين، يكون هو الرسول المبعوث في أمته، وإذا افترقتا يكون هو الولي العارف العالم القادر على فهم الشريعة وباطن الشريعة. وهؤلاء هم ورثة الأنبياء القادرون بما وهبهم الله بما حصلوا من علم على نشر الحقيقة وتبيانها للناس على قدر استيعاب عقولهم ودرجاتهم في المعرفة. ولهذا قال
صلى الله عليه وسلم : «العلماء ورثة الأنبياء». وإذا كانت سلسلة الأنبياء قد انقطعت بالبعثة المحمدية، فإن سلسلة الأولياء مستمرة إلى يوم القيامة؛ لأن الباطن لا يتوقف عن التفتح باستمرار.
فإذا كان القرآن كلام الله، فإن هذا الكلام لم يرسل لكي تفهمه فئة من الناس ذات معارف عقلية معينة في زمن معين، وإنما لكي يفهمه البشر عبر مراحل عصورهم، وما يحمله تقدم العصور من توسع في الآفاق وزيادة في المعارف. فرسالة النص المقدس ذات وجهين، وجه تاريخي يتبدى في زمان معين ومكان معين، ووجه آخر يسمو على التاريخ وتقلباته ليتبدى جديدا أبدا. والوسيلة المثلى للجمع بين هذين الوجهين وقراءة أحدهما في الآخر، هي متابعة عملية التفسير والتأويل. إن على كل عصر أن يكشف عن بطن من بطون القرآن التي أشار إليها الحديث الشريف، لا يتعارض وظاهره؛ لأن الظاهر أساس الباطن والمدخل إليه؛ والتوكيد على الباطن يجب ألا يقود إلى نسخ الشريعة أو إضعافها، مثلما أن التوكيد على الظاهر يجب ألا يعمينا عن المعاني الروحانية للنص. ذلك أن الشريعة إذا تجردت من بواطنها تغدو مجرد عبادات شكلانية منقطعة عن معانيها الروحانية، والحقيقة إذا فارقت أصولها في الشريعة تؤدي بنا إلى الغلو في التأويل والانقطاع عن جوهر الإسلام.
ولقد أعطى التأويل ثماره في بيئتين فكريتين إسلاميتين هما البيئة الاعتزالية والبيئة الشيعية. ولكن بينما يؤكد المعتزلة على إعمال العقل في القرآن وفي الحديث النبوي الشريف، من أجل الكشف عن بواطن معانيهما ورد المتشابه إلى المحكم، فإن الشيعة ينظرون إلى التأويل على أنه إرث روحي تواتر إلينا من الرسول وآل بيته الكرام، عبر سلسلة الأئمة المتحدرين من صلبه، والذين اعتبروا بمثابة القيم على القرآن، يفسرونه ويوضحون للناس ما خفي من معانيه اعتمادا على علمهم المتوارث. قد تعلم علي على يد رسول الله وكان أقرب الناس إليه، وعنه حمل علم القرآن وتأويله ثم بثه في أولاده، ولهذا قال الرسول: «من كنت مولاه فعلي مولاه.» وقال: «أنا مدينة العلم وعلي بابها.» وقال: «مثل أهل بيتي كسفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق.» وقال : «إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا.» ووصف علي هذه العلاقة الوثيقة التي ربطته بالنبي فقال: «كنت من رسول الله مثل الفصيل [أي صغير الجمل] من أمه، أحذو حذوه.»
अज्ञात पृष्ठ