151

तारिक हिजरताय्न

طريق الهجرتين - دار ابن القيم

अन्वेषक

محمد أجمل الإصلاحي

प्रकाशक

دار عطاءات العلم (الرياض)

संस्करण संख्या

الرابعة

प्रकाशन वर्ष

١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

प्रकाशक स्थान

دار ابن حزم (بيروت)

शैलियों

सूफ़ी
فصل [في الغنى وانقسامه إلى عالٍ وسافل]
ولمَّا كان الفقرُ إلى اللَّه ﷿ هو عينَ الغنى به، فأفقرُ النَّاس إلى اللَّه أغناهم به، وأذلُهم له أعزهم، وأضعفهم بين يديه أقواهم، وأجهلهم عند نفسِه أعلمُهم باللَّه، وأمقتهم لنفسه أقربُهم إلى مرضاة اللَّه = كان ذكرُ الغنى باللَّه مع الفقر إليه متلازمَين متناسبَين، فنذكر فصلًا نافعًا في الغنى العالي.
واعلم أنَّ الغنى على الحقيقة لا يكون إلا للَّه (^١) الغني بذاته عن كلِّ ما سواه، وكلُّ ما سواه فموسومٌ بسِمَةِ الفقرِ، كما هو موسوم بسمة الخلق والصنع. فكما (^٢) أنَّ كونه مخلوقًا أمرٌ ذاتيٌّ له، فكونه فقيرًا أمرٌ ذاتيٌّ له، كما تقدم بيانه (^٣). وغناهُ أمرٌ نسبيٌّ إضافيٌّ عارض له، فإنَّه إنَّما استغنى بأمر خارج عن ذاته، فهو غني به فقير إليه. ولا يُوصَف بالغنى على الإطلاق إلا مَن غناهُ من لوازم ذاته، فهو (^٤) الغني بذاته عمَّا سواه، وهو الأحد الصمد الغني الحميد.
والغنى قسمان: غنى سافل، وغنى عال، فالغنى السافل: الغنى بالعواريّ المسترَدَّة من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسوَّمة والأنعام والحرث، وهذا أضعف الغنى،

(^١) "ط": "باللَّه".
(^٢) "ك، ط": "وكما".
(^٣) انظر ما سلف في ص (١٢).
(^٤) "ف": "وهو"، خلاف الأصل، وكذا في "ن".

1 / 65